السوق والليبرالية الجديدة
السوق والليبرالية الجديدة
كانت حقبة الحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية بين الولايات المتحدة المنتصر الحقيقي من جهة وبين الاتحاد السوفييتي الأسد الجريح من جهة أخرى بمثابة حرب أفكار وصراع أيديولوجيات، حيث مثَل انتصار أمريكا انتصارًا للمبادئ والأفكار والقيم السياسية والاقتصادية التي تركزت بصورة أساسية في انتصار مفاهيم حرية الأسواق والديمقراطية، ولكن على الطرف الآخر برزت اتجاهات أخرى تطالب بتنحية مثل تلك الشعارات المثالية والتعامل مع الواقع، فلا ينبغي أن نتجاهل مصالحنا من أجل خدمة الآخرين وبين أنصار هؤلاء الطرفين دارت المناقشات والمناورات، لكن في النهاية انتصر صوت المصلحة على المثالية.
وفي خضم محاولات إصلاح النظام الإصلاح العالمي زاد الهجوم على مفاهيم الديمقراطية التي من المفترض أنها تحمل معنًى ساميًا يتمثَّل في إتاحة الفرصة للشعوب لإدارة شؤونهم، ولم تكن الأسواق بمنأى عن تلك الهجمات حيث تعاظمت سلطة الكيانات العملاقة واعتمادها على الدول القوية، مما جعلها فوق المساءلة لا سيما مع تدخلها المستمر في الشأن الداخلي للدول وتكريسها للنظام المجتمعي القائم على وجود الفوارق الهائلة بين أبراج الأغنياء وعشش الفقراء، ففي دول العالم الثالث يزداد الأغنياء غنى بينما يزداد بؤس الطبقة الكادحة من العمال، فحصل بذلك ارتباط شرطي عند الطبقة العاملة بين ضغوطات العمل المتزايدة وتضخم تلك الشركات.
وقد توصلت الدول العظمى إلى استخلاص الدروس المستقاة من الحربين العالميتين الأولى والثانية في كيفية تنظيم موجات الدعاية السياسية إبان الحربين واستفادت منها كذلك في شن الحروب للسيطرة على العقل الجمعي وتوطين الأفكار الرأسمالية في العالم أجمع، فلا شيء يشكل خطرًا على سلطة رأس المال من انتقال الجماهير من مرحلة أزمة الوعي إلى وعي الأزمة، حينها تنكشف الحجب مما يهدد العروش المالية لتلك الشركات، فاللص العادي يكفيه أن يسرق قوتك أما كبير اللصوص فيعمد إلى سرقة الوعي، ولذا تتعمَّد تلك الكيانات عبر نفوذها إلى إضفاء غطاء أخلاقي على ممارساتها الاقتصادية الاستغلالية.
الفكرة من كتاب الربح فوق الشعب
يستعرض هذا الكتاب جذور الرأسمالية والنظام العالمي الجديد، ويتناول الوجه المتوحش الجديد للرأسمالية المعاصرة وقادتها الجدد من الشركات الكبرى، كما يتعرض لهذا الزواج الكاثوليكي بين السياسة ورأس المال والأساليب المستخدمة لترويض الشعوب والسيطرة على الدول وفق أجندتهم الخاصة.
مؤلف كتاب الربح فوق الشعب
أفرام نعوم تُشُومِسْكِي: فيلسوف أمريكي، ولد في 7 ديسمبر 1928 فيلادلفيا، بنسلفانيا، تخرج تشومسكي في جامعة بنسلفانيا وحصل على درجة البكالوريوس في عام 1949 والماجستير في عام 1951، ومُنح درجة الدكتوراه في اللغويات من جامعة بنسلفانيا في عام 1955، وهو أستاذ لسانيات فخري في قسم اللسانيات والفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا التي عمل فيها لأكثر من 50 عامًا، بالإضافة إلى عضويته في كثير من الأكاديميات العلمية المرموقة كالأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، والأكاديمية الوطنية للعلوم والجمعية الأمريكية للفلسفة وغيرها، كما حصل على العديد من الجوائز، ففي فبراير 2008 حصل على الميدالية الرئاسية من جمعية الأدب والمناظرات في الجامعة الوطنية في أيرلندا في غالواي، وعلى جائزة إريك فروم عام 2010 في شتوتغارت في ألمانيا.
له مجموعة من المؤلفات أبرزها: “ماذا يريد العم سام” و”الدول الفاشلة – إساءة استخدام القوة والتعدي على الديمقراطية”، و”قراصنة وأباطرة – الإرهاب الدولي في العالم الحقيقي” و”النظام العالمي القديم والجديد”.