هوى الحصنُ فارتفع!
هوى الحصنُ فارتفع!
حصن الروم الحصين الذي لا يُهدم وعاصمتهم في مصر مدينة الإسكندرية التي توجَّه إليها الجيش الإسلامي مُحاصرًا بقصد الفتح حصارًا دام أربعة عشر شهرًا، ورغم مناعة ذلك الحصن وطول فترة الحصار فإن النصر تحقَّق أخيرًا للجيش الإسلامي الفاتح يوم الجمعة من عام 20 للهجرة، والجدير بالذكر أن هذا الموعد لم يأتِ صدفةً، وإنما بترتيب وتحديد من خليفة المسلمين الفاروق عمر (رضي الله عنه)، حيث كتب لقائد المسلمين الباسل هناك يستبطئ الفتح مع طول المدة ويأمره بجمع الناس، وأن يخطب فيهم محرضًا على القتال ومرغبًا في الصبر، وحدَّد له يوم الجمعة ساعة إجابة الدعوة وتنزُّل الرحمة.
عندما وصل الكتاب إلى عمرو بن العاص (رضي الله عنه) جمع الناس وقرأ عليهم الكتاب وأمرهم أن يتطهَّروا فيصلُّوا ركعتين لله (عز وجل)، ويسألوه النصر حتى تم لهم الفتح، وبهذا الفتح انتقلت الإسكندرية من حيازة الروم المظلمة إلى حيازة المسلمين، وبعد فتحها تمَّت للمسلمين سائر فتوحات الأقاليم المصرية، ولنا هنا وقفة مع استقبال الفاروق (رضي الله عنه) لخبر الفتح المُنتظَر، فلقد أرسل عمرو بن العاص (رضي الله عنه) الصحابي الجليل معاوية بن حُديج إلى المدينة مبشِّرًا الخليفة والمسلمين.
حين وصل الصحابي الجليل مسجد المدينة ظنَّ أنَّ الفاروق (رضي الله عنه) نائم فآثر الانتظار حتى العصر ليخبره بخبر الفتح، وبينما هو كذلك رأته جارية عمر بن الخطاب فأخبرت الخليفة عنه وعندها استقبله الفاروق (رضي الله عنه) أحسن استقبال وجمع الناس ليبشِّرهم، وأكرمه بعدها في منزله وضيَّفه أحسن ضيافة، فقد كان فتح مصر أطول الفتوح في تاريخ الفتوحات الإسلامية.
وفي أثناء الحكم الإسلامي شهدت مصر نهضة شاملة فى العمران والفنون، تمثلت في العمارة الإسلامية عن طريق إنشاء العديد من المساجد والقلاع والحصون والأسوار، أيضًا الفنون الزخرفية التي تمثلت في أول عاصمة إسلامية في مصر وهي مدينة الفسطاط وبها جامع عمرو بن العاص (رضي الله عنه)، ويُعد مقياس النيل بجزيرة الروضة من أقدم الآثار المصرية الإسلامية.
الفكرة من كتاب عندما دخلت مصر في دين الله
“لقد دخل الجيش الإسلامي إلى مصر، فميَّز فيها بين الأمة المقهورة التي أمَّنها وحرَّرها وأحياها والتحم بها وبين الدولة القاهرة التي حاربها وطوى صفحة استعمارها لمصر وقهرها للمصريين”.
عن مصر منذ القدم واستقبالها للأديان والفتوحات الإسلامية من بعدها، ووقوعها محط أنظار المستعمرين قديمًا وحديثًا يأخذنا الكاتب في جولة تاريخية حول أرض الكنانة.
مؤلف كتاب عندما دخلت مصر في دين الله
محمد عمارة مصطفى عمارة: ولد في الثامن من ديسمبر عام 1931م، وتُوفِّيَ في الثامن والعشرين من فبراير عام 2020م، وهو مفكر إسلامي مصري، ومؤلف ومحقِّق وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وعضو هيئة كبار علماء الأزهر، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، ورئيس تحرير مجلة الأزهر حتى عام 2015.
ترك ميراثًا كبيرًا من الكتب يزيد على 140 كتابًا، منها تحقيق الأعمال الكاملة لعدد من أبرز الكتَّاب مثل الطهطاوي ومحمد عبده والأفغاني، كما ألَّف عن أعلام التجديد الإسلامي وعن التيارات الفكرية الإسلامية قديمًا وحديثًا، ومن أبرز مؤلفاته: “الحملة الفرنسية في الميزان”، و”معالم المنهج الإسلامي”، و”الإسلام والمستقبل”، و”القدس بين اليهودية والإسلام”، و”مقومات الأمن الاجتماعي في الإسلام”.