مصر منذ الأزل
مصر منذ الأزل
منذ بدء الخليقة واستخلاف الإنسان على هذه الأرض وبدء المسيرة والوحي الإلهي واصطفاء الأنبياء والمرسلين كانت مصر من أول البلاد الحاضنة للوحي والرسالة، حيث بُعث فيها ثالث الأنبياء والمرسلين وهو نبي الله إدريس (عليه السلام)، وفي ذلك يقول ابن كثير في كتابه البداية والنهاية عنه (عليه السلام): “إنه كان أول بني آدم أُعطيَ النبوة بعد جدِّه آدم وبعد شيث (عليهما السلام)”، إذًا فقد عرفت مصر الوحي والتوحيد من النبوة والرسالة لا وضعًا بشريًّا أو إفرازًا إنسانيًّا.
ولقد عرفت مصر مع علوم الوحي والرسالة علوم الكون والتمدُّن وعلوم الشرع والدين والعلوم الطبيعية فتعلَّمها المصريون وتوارثوها جيلًا بعد جيل تطوُّرًا تارةً وانحدارًا تارةً أخرى حتى دخلها الفتح الإسلامي بعد بعثة خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد (صلى الله عليه وسلم)، وتاريخ مصر الديني تاريخ طويل وعريق، فقد زارها أنبياء ورسل كثيرون ووُلِد فيها ونشأ عدد أخبرنا به القرآن الكريم، فالخليل إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) رحل إليها في زمان الهكسوس وتزوَّج بهاجر (عليها السلام) لينجب إسماعيل (عليه السلام) أبو العرب العدنانين جد سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعاش يوسف (عليه السلام) فيها وتملك خزائنها، ونشأ وتعلَّم فيها موسى (عليه السلام) وأخوه هارون أيضًا.
ولقد خاضت مصر معركة في الدفاع عن التوحيد وحفظت الفكر التوحيدي حين انحرفت الدولة البيزنطية، فتمسَّكت بالشريعة حتى بعد أن طغت عقائد الإيمان البيزنطية على الكنائس النصرانية، والجدير بالذكر أن مخطوطات نجع حمادي المُكتشفة عام ١٩٤٧م قد ضمَّت أقدم الأناجيل التي حفظت أصل التوحيد النصراني، وهي أناجيل توماس وفيليب وبطرس وغيرها، وهي شاهدة على ولاء المصريين للتوحيد الخالص.
الفكرة من كتاب عندما دخلت مصر في دين الله
“لقد دخل الجيش الإسلامي إلى مصر، فميَّز فيها بين الأمة المقهورة التي أمَّنها وحرَّرها وأحياها والتحم بها وبين الدولة القاهرة التي حاربها وطوى صفحة استعمارها لمصر وقهرها للمصريين”.
عن مصر منذ القدم واستقبالها للأديان والفتوحات الإسلامية من بعدها، ووقوعها محط أنظار المستعمرين قديمًا وحديثًا يأخذنا الكاتب في جولة تاريخية حول أرض الكنانة.
مؤلف كتاب عندما دخلت مصر في دين الله
محمد عمارة مصطفى عمارة: ولد في الثامن من ديسمبر عام 1931م، وتُوفِّيَ في الثامن والعشرين من فبراير عام 2020م، وهو مفكر إسلامي مصري، ومؤلف ومحقِّق وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وعضو هيئة كبار علماء الأزهر، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، ورئيس تحرير مجلة الأزهر حتى عام 2015.
ترك ميراثًا كبيرًا من الكتب يزيد على 140 كتابًا، منها تحقيق الأعمال الكاملة لعدد من أبرز الكتَّاب مثل الطهطاوي ومحمد عبده والأفغاني، كما ألَّف عن أعلام التجديد الإسلامي وعن التيارات الفكرية الإسلامية قديمًا وحديثًا، ومن أبرز مؤلفاته: “الحملة الفرنسية في الميزان”، و”معالم المنهج الإسلامي”، و”الإسلام والمستقبل”، و”القدس بين اليهودية والإسلام”، و”مقومات الأمن الاجتماعي في الإسلام”.