خطط ممتلئة في اليوم الثاني
خطط ممتلئة في اليوم الثاني
في اليوم الثاني من أيام الإبصار الثلاثة، ستقرِّر هيلين الاستيقاظ فجرًا حتى لا تفوِّت لحظة من هذا اليوم لتشهد انسلاخ الليل عن النهار، وشروق الشمس شيئًا فشيئًا وهي تُنير الأرض برمَّتها، ثم ستخصِّص هذا اليوم للسفر بين الماضي والحاضر لتشهد آثار العصور وتقدُّم الإنسان، وذلك من خلال متاحف المدينة لترى تاريخ الدنيا من العصور السحيقة والحيوانات المنقرضة بأجسامها الهائلة، كيف لنا أن نُضيع هذه الفرصة الثمينة ونحن نعلم أن منَّا -نحن المُبصرين- من تمضي سنين حياته دون أن يفكر في إضافة سنين عديدة إلى عمره عبر زيارة المتاحف ورؤية الإنسان عبر الماضي البعيد وتاريخه وأحداث البشر عبر ما تركوه من آثار عمرها عقود وقرون.
ستزور هيلين متحف العاصمة للفن وهو متحف كبير يحوي تاريخ الفنون في الحضارات الأولى كبلاد مصر واليونان وروما، وسترى الهياكل المنحوتة التي اعتادت لمسها للشعور بها وبهيئتها، وتماثيل معبودات اليونانيين القدماء كأبولو وفينيس، وأيضًا تمثال النصر المجَّنح، لن تُفوِّت هيلين رؤية كل تلك الأشياء التي اعتادت لمسها وهي فاقدة البصر، فالآن ستنظر بتمعن إلى كل تلك الأعمال الفنية المرسومة على القماش من عمل الفنانين ليوناردو دافينشي وتيتيان ورفاييل، وجان كورو الرسام الفرنسي، وغيرهم.
بعد قضاء معظم اليوم في متحف العاصمة وحلول المساء ستقرِّر هيلين قضاء هذا الوقت المتبقي في مسرح أو صالة سينما، لقد اعتادت هيلين الذهاب إلى الأعمال المسرحية، وكان على رفيقتها أن تترجم حركة الممثلين لها باستمرار، لكنها في هذا اليوم لن تكون بحاجة إلى ذلك وستستطيع رؤية كل ما يدور ويجري دون الحاجة إلى رفيق يساعدها ويعُرِّفها بشخصية البطل وما يرتديه (كما في مسرحية هامليت لشكسبير).
الفكرة من كتاب لو أبصرت ثلاثة أيام
إننا البشر حين نعتاد هذه الحياة ومرور أيامها ننسى كل تلك النعم التي رُزقنا بها، ويا لضعف الإنسان حين تضيق عليه دنياه بالتفكير في حزنٍ ويأسٍ وأوهامٍ أحاط نفسه بها، لكن كم من نعمٍ وجب علينا أن نقف لحظةً في يومنا ونحن ممتنون لوجودها، فها هي نعمة الأهل والأصدقاء والطبيعة من حولنا والصحة، ولكن ماذا إذا فقدنا نعمة النظر إلى كل ما تم ذكره؟ هل تخيَّلنا أنفسنا للحظة نودِّع نعمة البصر باعتبار أن اليوم هو آخر يوم لها، ماذا كنت ستقرِّر حينها؟
مؤلف كتاب لو أبصرت ثلاثة أيام
هيلين كيلر آدامز: كاتبة ومحاضرة أمريكية، وُلِدَت فاقدة لحواس السمع والبصر والقدرة على الكلام، لكنها حوَّلت إعاقتها إلى جانب إنساني حفر اسمها في التاريخ بعد أن أخذت بيدها معلمتها آن سوليفان لتعليمها حتى حصلت على درجة البكالوريوس بكلية رادكليف بتقدير امتياز، كما حصلت على جائزة نوبل في الآداب لعام 1979م، وقد ألَّفت نحو ثمانية عشر كتابًا، وتُرجِمت إلى خمسين لغة، ومن أشهر مؤلفاتها: “قصة حياتي”، و”العالم الذي أعيش فيه”، و”أضواء في ظلامي”.