تغيير
“الحديقة السريَّة” كانت أول كتاب قرأته رفيقتنا في نيسيكو، رواية تحكي التغيير والتحول، تتغير فيها الحديقة السرية من أرضٍ جرداء شبه ميتة إلى حديقةٍ غنَّاء مبهجة، ومعها يتغيَّر الأطفال الذين يرعونها، وحين خرجت رفيقتنا إلى الغابة والأراضي المجاورة واستكشفت الدروب والبساتين، شعرت أنها مثل ماري بطلة الحكاية؛ رأت سحر الطبيعة وشعرت به، رأت الصلابة والقوة في كويو مقابل الأزهار الهشَّة المتناثرة في الربيع قائلةً: “هانامي هي متعة الحياة، تُعاش وتُفقد على نحو صارِم فيما لا يزيد عن أسبوعٍ إلا قليلًا، أما كويو فتتعلق بضرورة التغيير والعمل الفاتِن للتحولات”، وتغيرت مع أوراق الأشجار في الخريف وتعلمت منها، وغنمت في رحلتها كثيرًا من الأفكار والخبرات الجديدة.
وحين أوشكت رحلتها على الانتهاء، في نهاية الخريف وبداية الشتاء، حين خطَّ الثلج المتساقط على منحدرات يوتاي-سان خطوطًا رقيقةً كأنها شبكةٌ من الدانتيلا، أُقيم لرفيقتنا حفل سايونارا (أي حفل وداع) في بيت عائلة تاتينو، وحصلت على العديد من الهدايا، كان أغلاها هانكو فضيٌّ حُفِر عليه اسمها بخط الكانجي، والهانكو هو خَتم يستخدم كتوقيعٍ في الأوراق الرسمية، فكان لرفيقتنا -إضافةً إلى كونِه تذكارًا جميلًا- مفتاحًا لذاتها الجديدة اليابانية.
ثم عاشت رفيقتنا في طوكيو زمنًا، وعادت إلى هوكايدو في يناير لتحضر حفلًا آخر في بيت عائلة تاتينو، وكان في الحفل جمعٌ من الزوار، استمعت لهم بعدما ألفت اليابانية ولم تعد مضطرةً أن تترجم كل كلمة إلى الإنجليزية في ذهنها كي تفهم، فاستمتعت وضحكت على النكات التي أمسى لها معنى أخيرًا! والتقت معلم الخط فذكَّرها بدرسها الأول وعقدا مقارنة بين طوكيو بزحامها وسرعتها وهوكايدو بهدوئها، وأخبرها أن الناس لا يتغيَّرون بمرور الزمان فقط، بل بتغيير المكان أيضًا، وأوصاها ألا تستسلم.
وفي حجرة نومها القديمة في هذا البيت، كانت اللوحة التي خطَّتها لكلمة كويو -بخطوط مرتعشةٍ تائهة- مؤطرةً ومعلقة على الجدار، تأملتها رفيقتنا متذكرة الخريف الماضي؛ تلك اللوحة شاهدة على ما غيَّرته فيها هذه الرحلة.
الفكرة من كتاب المرأة التي تجلب المطر – مذكرات من هوكايدو، اليابان
إن كنت من محبي الرحلات بشكلٍ عام، أو من محبي الطبيعة والنباتات، أو كنت مهتمًّا بالثقافة اليابانية، فتعالَ معنا في هذه الرحلة مع رفيقتنا الكاتبة، لنتعرَّف على هوكايدو وطبيعتها وبعضٍ من أهلها، وعلى شيءٍ من غرائب اللغة اليابانية، وعلى الخريف الياباني المميز، والمزيد في رحلةٍ تجمع المتعة والفائدة.
مؤلف كتاب المرأة التي تجلب المطر – مذكرات من هوكايدو، اليابان
إلينيد جراميش، كاتبةٌ ومترجمة ويلزية ألمانية، ولدت في المملكة المتحدة عام 1989، درست الإنجليزية في جامعة أكسفورد، ودرست الكتابة الإبداعية في جامعة إيست أنجليا، وتدرس الدكتوراه الآن في جامعة آبريستويث، عاشت وعملت في اليابان فترةً بمنحة من مؤسسة دايوا، وتتحدث أربع لغات هي اليابانية والألمانية إضافةً إلى الإنجليزية والويلزية، وكتبت قصصًا قصيرة بالإنجليزية والويلزية، وترجمت رواية “Goldfish Memory” من الويلزية إلى الإنجليزية، وفاز كتابها “المرأة التي تجلب المطر” بجائزة الكتابة الجديدة في ويلز عام 2015.
معلومات عن المترجم:
عبد الرحيم يوسف، شاعر ومترجم مصري، ولد في الإسكندرية عام 1975، ودرس اللغة الإنجليزية في كلية التربية بجامعة الإسكندرية، وتخرج فيها عام 1997 وعمل مدرسًا لعشرين عامًا، وترجم العديد من التقارير مترجمًا حرًّا لمنظمات عالمية.
نشر سبعة دواوين بالعامية المصرية منها: “عفريت العلبة”، وعشرة كتب مترجمة منها “حلم ليلة منتصف الصيف” لويليام شكسبير، وفازت ترجمته لكتاب “ثلاث دراسات حول الأخلاق والفضيلة” لبرنارد ماندفيل بجائزة الدولة التشجيعية للآداب فرع ترجمة الأعمال الفكرية عام 2016.