المدخل الثقافي للشخصية المصرية ومفهوم القهر
المدخل الثقافي للشخصية المصرية ومفهوم القهر
يعدُّ الجانب الثقافي حصيلة للتفاعل بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويعدُّ أيضًا حلقة الوصل بين الجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي من جهة والنفسي والعقلي من جهة أخرى، فالشخصية التي تتأثَّر بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ليست سلبية تمامًا، فهي تتجه إلى التأثير فيه من خلال استجابتها له.
تتكوَّن البنية الثقافية للشخصية المصرية من عدة محاور، وتعدُّ ثقافة القهر هي المحور الرئيس، وينتج عنها جميع المحاور الفرعية الأخرى، بل يعدُّها الكاتب السبب الرئيس لمعظم سلبيات وعيوب الشخصية المصرية التي تعرَّضت لعمليات بشعة من القهر السياسي طوال التاريخ، وعلى الرغم من ذلك ذلك فلا يمكن أن ننظر في هذا المفهوم (ثقافة القهر) إلى القهر السياسي فقط، بل لا بد أن يتسع لكي يشمل القهر السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومع ذلك لا ينفي اقتناعنا بأهمية ومركزية الدور السياسي، ويذهب المؤلف إلى أنه من وجهة النظر التاريخية فإن واقع الإنسان المتخلِّف وبنيته النفسية المرتبطة بهذا الواقع يمكن أن تنتظم في أنماط وجودية ثلاثة؛ ففي المرحلة الأولى يتصف الإنسان المقهور بالتبعيَّة والدونية والاستسلام لهم، ونجد أن المتسلِّط يقصد أن يترك له كل هذه المشاعر (التبعية والإعجاب والتزلُّق) للقاهر فإنه يضمن لنفسه استمرار السلطة، ومن جانب آخر تأمين حياته وقوته، أما في المرحلة الثانية (الاضطهاد) فنجد أن هناك تذبذبًا بين التبعية وبين الرفض والعدوانية، إذ إن المقهور يحاول الانتقام من المتسلِّط من خلال بعض الأساليب الخفية كالكسل والتخريب والكذب والخداع والتضليل أو بأساليب رمزية كالنكات والتشنيعات، ما يؤدِّي إلى تنفيس مشاعره المكبوتة على الآخرين من خلال (القتل– التخريب– عدم الثقة في الغير– إلخ)، ومن هنا تأتي المرحلة الثالثة، وهي التمرد والثورة سواء بشكل فردي وعابر أو جماعي بشكل يهزُّ بنية المجتمع وقد ينتهي بتغييرها.
وبذلك يمكن أن تكون مقولة “سيكولوجية الإنسان المقهور” لمصطفى حجازي مفيدة، إذ إنها يمكن أن تشغل مكانًا في إطار مدخلي لفهم الشخصية المصرية في استمرارها وتطوُّرها، والتي نجدها تؤدِّي بنا إلى بعض الثقافات الأخرى التي نفهم منها الشخصية المصرية.
الفكرة من كتاب التكيُّف والمقاومة: الجذور الاجتماعية والسياسية للشخصية المصرية
استنادًا إلى مفاهيم ذات بعد ماركسي، يحاول أستاذ علم الاجتماع عرض أحوال الشخصية المصرية بشكل عام وثقافيًّا بشكل خاص، معتمدًا على فكرة محورية لتفسير صفات المصري القديم حتى الشخصية المصرية الحالية، وهي كونها رد فعل تلقائيًّا لعمليات القهر الممنهجة ضده منذ قديم الأزل مع وصف الآليات الدفاعية المختلفة التي ينتهجها ضد أشكال القهر وما يترتب على تلك الآليات من سلوكيات إيجابية أو سلبية تلتصق بالشخصية المصرية ليست ناتجة عن حتميات طبيعية.
مؤلف كتاب التكيُّف والمقاومة: الجذور الاجتماعية والسياسية للشخصية المصرية
الدكتور محمود عودة: أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس ونائب رئيس جامعة عين شمس ورئيس لجنة قطاع الآداب بالمجلس الأعلى للجامعات.
ومن مؤلفاته:
تاريخ علم الاجتماع.
أسس علم الاجتماع.
الصين الشعبية.