كرامة قلم!
كرامة قلم!
تبدأ القصة بثلاثة تحقيقات تصف أوضاع الطلاب في مرحلة الثانوية العامة، وكعادة الأستاذ عبد الوهاب مطاوع فقد برع في توصيف حالهم ومشاعرهم المضطربة خلال ذلك السبق المجهد للعقل والنفس بما يقع فيه من ضغوطات مجتمعية أودت بحياة بعض الطلاب في حينها نتيجة الانتحار، هكذا وقد حازت تلك المقالات التحقيقية التي كتبها المحرر الشاب في جريدة الأهرام إعجاب رئيس التحرير، لكنه أُخذ عليه إسرافه في استخدام النقاط في كتابته، وأوصاه بتقدير متى يستخدم علامات الترقيم، فيعطيها قدرها وينزلها مواضعها.
وهكذا خرج الشاب بمعنى أكبر من مجرد نقطة إضافية وضعها دون تفكير، بل جعلته يتأمل عملية الكتابة، تلك المهنة السامية ذات المغزى الكبير ليست مجرد كلمات مصفوفة بلا معنى تتخللها الإشارات وعلامات الترقيم بصورة عشوائية، وليست مهنة يتاجر بها صاحبها، بل هي صنعة كغيرها من الصناعات -على حد تعبير الكاتب- تحتاج إلى الاهتمام والتدقيق في التفاصيل البلاغية والنحوية واللغوية كافة، حتى النقطة يجب مراعاة موضعها ومتى تستخدم وما دلالتها المقصودة.
فلا تدع ليديك حرية الركض لخط كل شيء يخطر لك بلا أسباب تستدعي، بل احرص على كرامة قلمك ولا تستهلكه إلا فيما يستحق، ولا يكون ذلك إلا بكبح جماحه والتنزه عن ما لا يستحق أن يكتب أو يذكر، وأخيرًا ينهي الكاتب مقاله بتعميم النتيجة، أي أن ما ينطبق على الكتابة ينطبق على المجالات الأخرى كافة، من تمحيص وعلم يدوم بالمتابعة والإخلاص في الأداء.
الفكرة من كتاب صديقي لا تأكل نفسك
“صديقي لا تأكل نفسك” جملة معدودة الكلمات يطول فيها الشرح وتنبض بها الحكمة، فهي خلاصة ما مر به الكاتب في إحدى مرات سفره مصوغة في قالب مقالي، وعلى هذا النمط الأدبي خرج لنا هذا الكتاب حاويًا مجموعة من المقالات المختلفة يبلغ عددها الخمسة وعشرين مقالًا في المواقف الاجتماعية والحياتية التي عايشها، والتأملات الفكرية التي مر بها، أي أنه يكتب أبرز ما مر به من قصص تخرج المكتئب من طور حزنه، وتسلي الضجر، وترشد الهائم في اختيارات الحياة، بما يحقق أقصى استفادة ممكنة، وها نحن نقدم عصارتها المكثفة لك قارئنا، ذاكرين مقاطع مختارة لأكثر ما احتواه تأثيرًا؛ كي تنهل وتسترشد من خبرات أحد أبرز كُتاب العصر الحديث.
مؤلف كتاب صديقي لا تأكل نفسك
محمد عبد الوهاب مطاوع الكاتب الصحفي مخموم القلب خفيف الكلام، ولد -رحمه الله- في مصر عام 1940، درس الصحافة بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1961، وعمل محررًا صحفيًّا بقسم التحقيقات في جريدة الأهرام المصرية ثم سكرتيرًا للتحرير، ثم نائبًا فمديرًا للتحرير في ذات الصحيفة، كما شغل رئيس تحرير مجلة الشباب.
وله العديد من المناصب المرموقة الأخرى التي شغلها طيلة حياته، ولا ينسى منها ما كان يشرف عليه من باب بريد الجمعة وباب بريد الأهرام اليومي، حيث عدها كمنصة تعينه على قضاء حوائج الناس وتقديم الاستشارات في مختلف الأمور الحياتية بأسلوبه الراقي اللين، لذا كان حقًّا أن يلقب بـ”صاحب القلم الرحيم”، ومن أهم أعماله وأكثرها رواجًا: “وقت للسعادة ووقت للبكاء”، و”أقنعة الحب السبعة”، و”قالت الأيام”، و”طائر الأحزان”.