مدرسة الحياة
مدرسة الحياة
قد يبدو العنوان مبتذلًا اعتاد الناس استخدامه باستخفاف حتى فقد معناه العميق، والآن حان وقت تغيير تلك النظرة، فكثيرًا ما تتجه أنظارنا تجاه أشخاص محنكي التصرفات، لهم من الحكمة ما يعينهم على حل المشكلات والمعضلات، فنستشيرهم ونحن على يقين بإيجاد إجابة لا تخطئ، وبسؤالهم عن مصدر تلك الملكة لا يملكون إجابة سوى الخبرة، تلك المهارة غير الموجودة في المناهج التعليمية، ولا نكتسبها حتى من مدارسنا وجامعاتنا الأكاديمية مهما بلغت رقيًا وتقدمًا، إنما هي خلاص ما عايشه الإنسان من تجارب ورحلات ومواقف مر بها، فاستزاد بالعبرة واختزنها ثم استفاد منها في رصيده، وهكذا فإن الحياة كلما زادت تجاربها اكتسب منها الخبرات، وعلى خلاف كل المدارس فهي المدرسة الوحيدة التي لا يتخرج فيها المرء إلا بموته، فلا الحياة تقف ولا الإنسان ببالغ أقصى ما فيها.
ماذا علمتك الحياة؟ قبل أن تجيب في قرارة نفسك وتسترجع ذكرياتك، دعنا نستعرض بعضًا مما ألقته الحياة من دروس في نفوس بعض من خيرة المثقفين في مجتمعنا العربي، فالعقاد أديبنا صاحب العبقريات قال إن الحياة علمته ألا يستعجب أي تصرف يقع من الإنسان، فلا يقع في نفسه استغراب ولا حزن، وهو المدرك منذ زمن طويل أن الإنسان مجبول على نقائص نفسية كثيرة، فلمَ الشكوى والتذمر من أمر بديهي؟!
أما الأستاذ توفيق الحكيم فعلمته الحياة أنها مفهوم آخر للهدف والإرادة، فمن فقدهما قد فقد حياته، والعالم الأديب أحمد زكي قد وجد الخلاصة في نشأة الإنسان الأولى، فتربية الآباء لأبنائهم بطريقة سليمة قويمة هي أساس تكوين شخصياتهم وتحديد مصيرهم، لأن عليها تبنى مواقفهم وطريق تعاملهم مع الأمور، وقد أشاد كذلك بأهمية الصداقة في حياة الإنسان، ولا يصح عيش الفرد وحيدًا لا يحب إلا نفسه.
الفكرة من كتاب صديقي لا تأكل نفسك
“صديقي لا تأكل نفسك” جملة معدودة الكلمات يطول فيها الشرح وتنبض بها الحكمة، فهي خلاصة ما مر به الكاتب في إحدى مرات سفره مصوغة في قالب مقالي، وعلى هذا النمط الأدبي خرج لنا هذا الكتاب حاويًا مجموعة من المقالات المختلفة يبلغ عددها الخمسة وعشرين مقالًا في المواقف الاجتماعية والحياتية التي عايشها، والتأملات الفكرية التي مر بها، أي أنه يكتب أبرز ما مر به من قصص تخرج المكتئب من طور حزنه، وتسلي الضجر، وترشد الهائم في اختيارات الحياة، بما يحقق أقصى استفادة ممكنة، وها نحن نقدم عصارتها المكثفة لك قارئنا، ذاكرين مقاطع مختارة لأكثر ما احتواه تأثيرًا؛ كي تنهل وتسترشد من خبرات أحد أبرز كُتاب العصر الحديث.
مؤلف كتاب صديقي لا تأكل نفسك
محمد عبد الوهاب مطاوع الكاتب الصحفي مخموم القلب خفيف الكلام، ولد -رحمه الله- في مصر عام 1940، درس الصحافة بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1961، وعمل محررًا صحفيًّا بقسم التحقيقات في جريدة الأهرام المصرية ثم سكرتيرًا للتحرير، ثم نائبًا فمديرًا للتحرير في ذات الصحيفة، كما شغل رئيس تحرير مجلة الشباب.
وله العديد من المناصب المرموقة الأخرى التي شغلها طيلة حياته، ولا ينسى منها ما كان يشرف عليه من باب بريد الجمعة وباب بريد الأهرام اليومي، حيث عدها كمنصة تعينه على قضاء حوائج الناس وتقديم الاستشارات في مختلف الأمور الحياتية بأسلوبه الراقي اللين، لذا كان حقًّا أن يلقب بـ”صاحب القلم الرحيم”، ومن أهم أعماله وأكثرها رواجًا: “وقت للسعادة ووقت للبكاء”، و”أقنعة الحب السبعة”، و”قالت الأيام”، و”طائر الأحزان”.