حجج نظرية القوة المودعة والإشكالات التي تواجهها
حجج نظرية القوة المودعة والإشكالات التي تواجهها
يستند أصحاب نظرية القوة المودعة إلى نفس الأدلة التي استخدمها أصحاب نظرية الارتباط الضروري، بينما يخالفونهم ويخالفون أصحاب نظرية الاقتران العادي في أن علاقة السببية يمكن الاستدلال عليها بالحِس، فعندهم النار تحرق وهكذا خلقها الله، فالإحساس بالحرارة المنبعثة من النار عند احتراق القطن، وليس من أجزاء القطن التي لم تحترق بعد، دليل على أن الحرارة منبعثة من النار، ومن ثم تكون النار سبب الاحتراق، ويشهد الحِس بأنها تحرق.
هناك إشكالان يتم إيرادهما على تلك النظرية، أحدهما أنه إذا كانت العلاقة السببية غير حتمية، فلا فرق بين نظرية القوة المودعة ونظرية الاقتران العادي؟ ودفع هذا الإشكال أصحاب نظرية الاقتران العادي أن يقولوا ألا خصائص ذاتية للأشياء، بينما أصحاب نظرية القوة المودعة يقرون بأن للأشياء خصائص ذاتية.
أما الإشكال الثاني فهو إشكال قوي تم توجيهه إلى تلك النظرية، مبناه أنه في حال إذا كان سلب الخصائص عن الأشياء هو ما يسبب تخلف المسببات عن أسبابها، أليس ذلك يعني أن السبب لم يعد موجودًا؟ فالنار سبب للإحراق ما دامت محتفظة بحقيقتها، فإذا سُلبت حقيقتها لم تعد موضعًا لتسبيب النار، فكل ما يحرق هو نار، وكل ما لا يحرق ليس نارًا، وهذا الإشكال يَرد نظرية القوة المودعة إلى نظرية الارتباط الضروري، ويتجلَّى الخلاف بينهما حول فهم معنى الخصائص الذاتية للأشياء.
الفكرة من كتاب السببية بين العقل والوجود في الفكر الإسلامي
أمام كل ظاهرة تحدث، يجد الإنسان في ذاته الباعث الذي يدفعه إلى التساؤل: كيف؟ ولماذا؟ وما السبب؟ يبغي منها تحليل تلك الظواهر باحثًا عن سبب وجودها، واستكشاف العِلل الكامنة وراءها، ومن هنا كانت “علاقة السببية” بالنسبة إلى الإنسان هي الحلقة الأولى من كل سلسلة تفكير أو تساؤل، وقد يبدو لنا أن السببية مسألة محسومة ومنتهية، لكن المتعمِّق في الفكر الفلسفي، يجد أن الفلاسفة والسادة المتكلمين أرباب عِلم الكلام، قد ذهبوا فيها مذاهب شتَّى، محاولين فهمها وتفسيرها.
مؤلف كتاب السببية بين العقل والوجود في الفكر الإسلامي
الدكتور أكرم خفاجي: مهندس عراقي، تحوَّل إلى دراسة العلوم الشرعية، وحصل على الدكتوراه في العقيدة والفلسفة الإسلامية، من مؤلفاته: “متشابه الصفات بين التأويل والتفويض”.