نظرية القوة المودعة
نظرية القوة المودعة
يرى أصحاب نظرية القوة المودعة أن الله (سبحانه وتعالى) قد أودع في الأشياء خصائص وقوى، جعل لها نوعًا من التسبُّب في إيجاد النتائج المترتبة على الأسباب، وقسَّموا السببية إلى نوعين: “السببية المطلقة” المتعلقة بالخلق، وهي خاصة بالله وحده، و”السببية المقيدة” وهي المتعلقة بالظواهر الطبيعية والأشياء الحادثة، حيث إن لها خصائص مودعة، وفاعلية مؤثِّرة، لكن مقيَّدة.
فالله (عز وجل) سخر السببية بأمره يُجري من خلالها أوامره، بحيث تؤدي الأسباب المهام التي أرادها الله لها، وبناءً على ذلك فالسببية لا تعمل بشكل حتمي وضروري، بل تعمل تحت سلطان الإرادة الإلهية، فالله لم يشأ أن يجعلها تعمل بشكل آلي بحيث إذا وُجِدت الأسباب يوجد المُسبِّب، بل فوق الأسباب مُسبِّب، إذا شاء قال لها قفي، فتقف؛ فالنار تتسبَّب في إنضاج الطعام لأن الله (عزَّ وجلَّ) هو الذي شاء ذلك.
وبناءً على ذلك فإن السببية المطلقة مختصة بالله تعالى الذي هو خالق كل شيء وموجده، فالله هو السبب التام الذي يستقل بالتأثير، كما أن الله أودع في الأشياء خصائص، وجعل لها نوعًا من التأثير، وتلك هي سنة الله الجارية، بالإضافة إلى أن “السببية الطبيعية” ليست ضرورية أو حتمية، بل هي مقيَّدة بمشيئة الله، فإذا شاء سلب تلك الأشياء الخواص التي أودعها فيها، فلم يكن لها التأثير الذي كان لها قبل ذلك.
الفكرة من كتاب السببية بين العقل والوجود في الفكر الإسلامي
أمام كل ظاهرة تحدث، يجد الإنسان في ذاته الباعث الذي يدفعه إلى التساؤل: كيف؟ ولماذا؟ وما السبب؟ يبغي منها تحليل تلك الظواهر باحثًا عن سبب وجودها، واستكشاف العِلل الكامنة وراءها، ومن هنا كانت “علاقة السببية” بالنسبة إلى الإنسان هي الحلقة الأولى من كل سلسلة تفكير أو تساؤل، وقد يبدو لنا أن السببية مسألة محسومة ومنتهية، لكن المتعمِّق في الفكر الفلسفي، يجد أن الفلاسفة والسادة المتكلمين أرباب عِلم الكلام، قد ذهبوا فيها مذاهب شتَّى، محاولين فهمها وتفسيرها.
مؤلف كتاب السببية بين العقل والوجود في الفكر الإسلامي
الدكتور أكرم خفاجي: مهندس عراقي، تحوَّل إلى دراسة العلوم الشرعية، وحصل على الدكتوراه في العقيدة والفلسفة الإسلامية، من مؤلفاته: “متشابه الصفات بين التأويل والتفويض”.