حجج نظرية الاقتران العادي
حجج نظرية الاقتران العادي
يرى أصحاب نظرية الاقتران العادي أن تكرار الظواهر بشكل اقتراني وتعاقب مخصوص يُرسِّخ العلاقة في الذهن، حتى يكاد يحكم العقل باستمرارية تلك العلاقة، ولا يتصوَّر تخلُّفها، ومن التجارب التي تؤيد النظرية، التجربة التي قام بها العالم الروسي “بافلوف” على الكلاب، حيث كان يقوم “بقرع الجرس” قبل أن يضع الطعام للكلاب، فظنَّت الكلاب أن قرع الجرس هو سبب إحضار الطعام؛ فطول إلف العين والفكر لهذا الاقتران يُخضِع كلًّا من النفس والوهم لقاعدة “رد الفعل الشرطي”، كما يستندون إلى قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾.
ترد على النظرية ثلاثة إشكالات؛ أحدها، أنه في حال قمنا بنفي علاقة السببية بين الأشياء والظواهر، فكيف نثبت وجود الله؟ فيجيبون بأننا نؤمن بالسببية العقلية التي تعني حاجة الحادث إلى مُحدِث، وافتقار الكائنات إلى مُوجد لها، لكن الظواهر الطبيعية مرجِعُها الباري (عزَّ وجلَّ)، ولا أثر لكائن في آخر.
الإشكال الثاني، إذا قمنا بنفي السببية الطبيعية، فكيف نثبت الواقع الخارجي الموضوعي؟ والإشكال الثالث، إذا قلنا إن العلاقة بين الظواهر الطبيعية ليست حتمية، فكيف نبني العلوم ونصوغ القوانين العلمية؟ فيجيبون عن الإشكالين معًا، بأن التعامل مع ظواهر الكون والموجودات لا يحتاج إلى “يقين”، بل يكفي “الاطمئنان” -الذي هو درجة عالية من الظن تقارب اليقين- الحاصل من التكرار العادي.
الفكرة من كتاب السببية بين العقل والوجود في الفكر الإسلامي
أمام كل ظاهرة تحدث، يجد الإنسان في ذاته الباعث الذي يدفعه إلى التساؤل: كيف؟ ولماذا؟ وما السبب؟ يبغي منها تحليل تلك الظواهر باحثًا عن سبب وجودها، واستكشاف العِلل الكامنة وراءها، ومن هنا كانت “علاقة السببية” بالنسبة إلى الإنسان هي الحلقة الأولى من كل سلسلة تفكير أو تساؤل، وقد يبدو لنا أن السببية مسألة محسومة ومنتهية، لكن المتعمِّق في الفكر الفلسفي، يجد أن الفلاسفة والسادة المتكلمين أرباب عِلم الكلام، قد ذهبوا فيها مذاهب شتَّى، محاولين فهمها وتفسيرها.
مؤلف كتاب السببية بين العقل والوجود في الفكر الإسلامي
الدكتور أكرم خفاجي: مهندس عراقي، تحوَّل إلى دراسة العلوم الشرعية، وحصل على الدكتوراه في العقيدة والفلسفة الإسلامية، من مؤلفاته: “متشابه الصفات بين التأويل والتفويض”.