حفظ السنة والعناية بها
حفظ السنة والعناية بها
يزعم الطاعنون في السنة أنها لم تحفظ ولم يُعتنَ بها، وأنها لو كانت حجة لتكفَّل الله بحفظها كما تكفل بحفظ القرآن، وهذه دعوى منهم غير مبرهنة، فلا دليل عليها، فالآية التي فيها تكفل الله بحفظ القرآن ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ ليس فيها نفي على أن الله تكفل بحفظ السنة؛ بل إن الله (سبحانه وتعالى) تكفَّل بحفظ الذكر، والسنة بيان الذكر، فهي متكفَّل بحفظها ضمنًا.
ومن الأمور التي يركز عليها هؤلاء المشككون القائلون بضياع السنة زعمهم عدم كتابة السنة في العهد النبوي والراشدي، وأن النبي ﷺ نهى عن كتابتها ولو أنها كانت حجة لما نهى عن كتابتها، وهذا كلام ليس بصحيح لأنه لا تلازُم بين النهي عن الكتابة والحجية، ثم إن النبي ﷺ هو الذي أمر بحفظها وتبليغها، وأحاديث النهي عن الكتابة قوبلت بأحاديث أخرى أباحت الكتابة فحمل العلماء أحاديث النهي على أنها نُسِخَت، ومنهم من رجح أحاديث الإذن لأنها أقوى في الرتبة، ثم إن الأمر والإجماع انعقد على جواز الكتابة.
يدعي كذلك المشكِّكون في ثبوت السنة أن السنة لم تحفظ لأنها لم تكتب إلا بعد وفاة النبي ﷺ بمائة عام على الأقل، وأنها لو كانت حجة لأمر النبي ﷺ بكتابتها؛ وهذا منهم خطأ محض، لأنهم حصروا التوثيق في الكتابة وأهملوا الأمور الأخرى فقد اعتنى العلماء بالسنة بأشكال أخرى غير الكتابة، فالحفظ -مثلًا- من طرق التوثيق، ثم إن الكتابة كانت موجودة في العهد النبوي وإن لم تكن على نحو منظم، وكذلك فقد اعتنى الصحابة بالسنة في العهد النبوي وما بعده من العهد؛ فقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال “من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار”، ففي ذلك التحذير من الكذب عليه؛ مما حضَّ على العناية والاستيثاق مما ينسب إليه ﷺ فنشأت قواعد علم الحديث؛ بل إن النبي كان يشجع بعض الصحابة المعتنين بالحديث كأبي هريرة وابن عمرو؛ وكذلك اعتنى الناس بالسنة بعد موته ﷺ.
الفكرة من كتاب تثبيت حجية السنة ونقض أصول المنكرين
لقد ازدادت في الآونة الأخيرة ظواهر التشكيك في السنة والطعن فيها، واتخذ هذا الطعن وذلك التشكيك وسيلة إلى الإلحاد كنهاية المطاف لبعض هذه الاتجاهات باعتبار أن الكلام في السنة قد يشكِّل بعض الشبهات لدى بعض الناس، إذ إن الإلحاد الصريح ليس إلا تراكمًا لشبهات متعدِّدة من أبواب علمية مختلفة.
يناقش هذا الكتاب ركائز حجية السنة، وعناية الصحابة والعلماء بها، ويرد على الطاعنين والمشككين فيها بأسلوب علمي ومنهجي.
مؤلف كتاب تثبيت حجية السنة ونقض أصول المنكرين
أحمد يوسف السيد: باحث ومحاضر سعودي، تخرَّج في الجامعة الإسلامية بالمدينة، قسم الشريعة، وهو من مواليد المدينة، 1985م.
من مؤلفاته:
سابغات.
كامل الصورة.
أفي السنة شك؟
إلى الجيل الصاعد.