التواتر والإجماع
التواتر والإجماع
إن إثبات ما ورد عن النبي ﷺ بوجهٍ يتضمَّن ويستلزم علومًا ومعارفَ متخصصة تجتمع تحت عنوان “علوم الحديث”، وهناك أمور ثبتت عنه ﷺ لا تستلزم هذه العلوم تعرف بالمتواتر، ولا يختلف أحد من الناس في إثبات المعارف عامة بالتواتر، كأن يتناقل الناس بأن هناك مكانًا ما يسمى مكة؛ فإذا تواتر عن النبي ﷺ أنه كان يصلي الصلوات الخمس بهيئة معينة أو يحج بهيئة وصفة معينة فهذا يعني أنه فعل ذلك يقينًا.
من أقسام الأخبار المتواترة عن النبي ﷺ: ما تواتر عنه بإخباره عن الغيب ودلالتها على حجية السنة من جهة أن القرآن أخبر أنه لا يعلم الغيب إلا الله؛ فإذا أخبر النبي ﷺ بخبر غيبٍ دلَّ ذلك على أنه من عند الله، وكذلك تواتر عن النبي ﷺ إخباره بكلام منسوب لله تعالى ليس موجودًا في القرآن (الأحاديث القدسية)، وهو ما يعرف بالمتواتر، وفي هذا دلالة على أنها من عند الله فإنه لا يعرف كلام الله إلا بوحي.
من ركائز تثبيت حجية السنة كذلك الإجماع؛ ذلك أن الله (عز وجل) قد نهى عن مخالفة سبيل المؤمنين، والصحابة كانوا يقضون بسنته ﷺ بعد موته ولا ينكر بعضهم على بعض؛ بل يقر بعضهم بعضًا على فعله، ويسند فعله إلى النبي ﷺ من غير نكير، وهذا الأمر متواتر عن الصحابة، والثابت عنهم اعتمادهم على سنة النبي ﷺ وهديه في حياتهم؛ ولا شك أن الصحابة هم أول وأولى من يدخل في المؤمنين في قوله تعالى: ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، وكذلك شهد الله لهم بالفضل، وكذلك بلغ الصحابة السنة إلى من بعدهم من التابعين وعلموهم إياها، وهذا بمجموعه أمر متواتر لا شك فيه عند أهل العلم، قال العلائي: “العلماء متفقون في كل عصر على التمسُّك في إثبات الأحكام بآيات القرآن العظيم وأحاديث السنة”.
الفكرة من كتاب تثبيت حجية السنة ونقض أصول المنكرين
لقد ازدادت في الآونة الأخيرة ظواهر التشكيك في السنة والطعن فيها، واتخذ هذا الطعن وذلك التشكيك وسيلة إلى الإلحاد كنهاية المطاف لبعض هذه الاتجاهات باعتبار أن الكلام في السنة قد يشكِّل بعض الشبهات لدى بعض الناس، إذ إن الإلحاد الصريح ليس إلا تراكمًا لشبهات متعدِّدة من أبواب علمية مختلفة.
يناقش هذا الكتاب ركائز حجية السنة، وعناية الصحابة والعلماء بها، ويرد على الطاعنين والمشككين فيها بأسلوب علمي ومنهجي.
مؤلف كتاب تثبيت حجية السنة ونقض أصول المنكرين
أحمد يوسف السيد: باحث ومحاضر سعودي، تخرَّج في الجامعة الإسلامية بالمدينة، قسم الشريعة، وهو من مواليد المدينة، 1985م.
من مؤلفاته:
سابغات.
كامل الصورة.
أفي السنة شك؟
إلى الجيل الصاعد.