فوائد البطء على جسدنا
فوائد البطء على جسدنا
كيف تحقِّق التميُّز والعظمة؟ بأداء كل ما يفيد، وكيف تكون شخصًا منتجًا عظيمًا؟ إذا كنت تتمتع بخيال وعقل صافٍ وجسم سليم، ومن هنا نبدأ، كيف نحصل على جسم وعقل سليمين؟ يقول الكابتن هادفيلد: “هذا الفن: فن راحة البال والقدرة على تخليصه من كل أسباب الهم والقلق، هو على الأرجح سر من أسرار طاقة عظمائنا”.
ولكن الأمر ليس بهذه السهولة، فالعالم ممتلئ بالضجيج وكثرة الأعمال، وهو ما يجبرنا على أن نجعل عقلنا في أقصى حالات نشاطه، ولا أحد ينكر أن للعقل في هذه الحالة القدرة على فعل العجائب، لكنك ستنبهر بقدرة عقلك أيضًا إذا أعطيته الفرصة للإبطاء وأخذ استراحات، ومن هنا كتب البريطاني غاي كلاكستون كتابًا بعنوان: “دماغ أرنب وعقل سلحفاة- لماذا يزيد الذكاء عندما نقلِّل التفكير”، وفيه ذكر أن هناك طريقتين للتفكير: التفكير السريع والتفكير البطيء، والسريع هو طريقة تفكير الحواسيب والتفكير تحت ضغط الوقت، وهو مفيد عند الأحداث الطارئة التي تريد لها حلًّا فوريًّا، أما التفكير البطيء فهو طريقة التفكير الإبداعية التي تبدأ بعد زوال الضغط، إذن كل ما تحتاجه للتفكير خارج الصندوق هو الاسترخاء وانتظار الأفكار حتى تختمر بهدوء دون استنكار للسكون ولا نستعجل لإظهار أي فكرة أو خاطرة بالعصف الذهني، حيث أثبتت الأبحاث أن التأمل له تأثيرات في المنطقة الدماغية المرتبطة بالخوف والقلق، وهذا يجعل أصحاب التفكير البطيء لا يفقدون أعصابهم حتى بعد مرور وقت التأمل، أما أكثر ما يعين الجسد على البطء وعلى الصحة والحيوية هي رياضة “سوبر سلو”، وهي نوع من رفع الأثقال تجعل صاحبها أكثر قوة ومرونة دون أن تتراكم عضلاته ويقل حوالي 30% من حجم الدهون فيها، حيث إنه عند رفع الأثقال ببطء، فالبطء يلغي القوة الدافعة الناتجة عن الحركة ويجعل العضلات تعمل حتى الإرهاق، وهو ما يجعلها ترمِّم نفسها بسرعة أكبر.
ومن الدهن والجسد ننتقل إلى الطب الذي حوَّلته السرعة إلى خطأ كبير من جانب الأطباء والمرضى، فالمريض يريد الحلول السريعة التي تشفيه بأسرع وقت، والطبيب يحلِّل على حسب الأعراض ويلجأ إلى التحاليل والتكنولوجيا لينتقل إلى المريض التالي، فيتحوَّل الطب إلى مجرد حلول سريعة دون الجلوس مع المريض والاستقصاء عن جميع جوانبه الصحية والاستماع الدقيق له!
وقد يكون التدخُّل السريع في بعض الأحيان هو الخيار الأفضل، لكن الهدوء والبطء قد يعالج بالتأكيد ما لا تقدر السرعة على علاجه.
الفكرة من كتاب في مديح البطء (حراك عالمي تحدَّى عبادة السرعة)
في البداية تم بناء سفينة “غير قابلة للغرق”؛ رغبةً من العالم في تسجيل سرعات قياسية لعبور المحيط الأطلنطي مهما كان الثمن، ولكن للأسف تم اصطدام هذه السفينة بجبل جليدي، ما أدَّى إلى غرقها في اليوم الرابع من إقلاعها!
“تيتانك” بالطبع نعلم جميعًا هذه السفينة، ومن هنا بدأت صيحات العالم لإيقاف حماقة السرعة والتأمل في استعبادها لنا.
يبدأ الكتاب بالحديث عن أضرار السرعة على المجتمعات من جميع النواحي، ويشرح بعدها معنى مفهوم الوقت ومتى ظهر وكيف كان القدماء يتعاملون معه ومتى ظهر مفهوم السرعة، ثم يدعونا الكاتب لعالم بطيء متمهِّل فيحكي لنا عن نادي الكسل في اليابان وقرى بطيئة في إيطاليا، وكيفية تنشئة طفل متمهِّل، وكيف أفقدتنا السرعة متعة الأشياء كالطعام والجنس وحتى متعة التفكير والطب، وكيف نتغلَّب عليها وننعم ببعض الهدوء.
مؤلف كتاب في مديح البطء (حراك عالمي تحدَّى عبادة السرعة)
كارل أونوريه: هو صحفي كندي من مواليد اسكتلندا 1967، تخرَّج في جامعة إدنبره، وهو حائز على شهادتين في التاريخ واللغة البريطانية، عمل مع أطفال الشوارع في البرازيل، وهذا ما ألهمه أن ينحو نحو الصحافة،كتب العديد من الكتب التي حقَّقت رواجًا عالميًّا، وأشهرها: “في مديح البطء”.
معلومات عن المترجم:
ماهر الجنيدي: مستشار إعلامي وكاتب ومترجم سوري مقيم في دبي، بدولة الإمارات، وهو من مواليد حمص 1961 حاز على البكالوريوس في الهندسة، ثم درس الأدب الإنجليزي عامين في جامعة حلب، وتفرَّغ منذ عام 1996 للعمل الصحفي والإعلامي حتى شغل منصب مدير تحرير الطبعة العربية في مجلة PC Magazine ورئيس تحرير مجلة “إنترنت العالم العربي”، وكذلك أشرف على ترجمة “فوربز” العربية وغيرها.