جذور العجز
جذور العجز
يشكِّل الحط من قدر الفكر الإسلامي من ناحية، ورفضه من ناحية أخرى جوهر الأوضاع الراهنة للشعوب المسلمة، فكل نجاح وإخفاق من الناحيتين الأخلاقية والسياسية مجرد انعكاس لفَهم هذه الشعوب للإسلام وكيفية تطبيقه في الحياة، فقد كان ضعف تأثير الإسلام في الحياة العلمية للمسلمين مصحوبًا دائمًا بانحطاطهم وانحطاط المؤسسات السياسية والاجتماعية، والتوسع الإسلامي الذي شهده العالم بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في أقل من مائة عام على بقعة هائلة من الكرة الأرضية من المحيط الأطلسي إلى الصين، وما شهده العالم من تطوُّر الحضارة الإسلامية في إسبانيا والشرق الأوسط والهند على مدى حقبة من الزمن تبلغ نحو ألف عام، أما اليوم في العالم المعاصر فما الذي يمثله المسلمون؟ أو بصياغة أخرى: إلى أي مدى نحن مسلمون؟!
في عام 1919م لم تكن توجد دولة واحدة مسلمة مستقلة ولم تتغيَّر الأوضاع جوهريًّا بعدها، ففي الفترة ما بين الحربين العالميتين لم توجد دولة واحدة مسلمة بلغت نسبة القراءة والكتابة فيها أكثر من خمسين بالمائة، وإذا قارنا هذا الوضع بما ذكره درابر عن إسبانيا المسلمة خلال القرن الحادي عشر تملَّكنا العجب؛ فلم يكن حينذاك فرد واحد يجهل القراءة والكتابة، وكل ما لحق بنا كمسلمين وما يحدث لنا اليوم إنما هو صدى وتكرار لما حدث من قبل في دواخلنا: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ِ.
وتتجلى ظاهرة التخلي عن الإسلام في محاولات قمع الفكر الإسلامي من أنشطة الحياة واختزاله إلى حالة من السلبية والتسطيح ويظهر ذلك الاتجاه جليًّا في طريقة تناولنا للقرآن، حيث فقد سلطانه كقانون ومنهج حياة وأبقى على قداسته كنص، وأصبح هذا الحال السائد بين الشعوب المسلمة فأصبحوا لا يستطيعون الانفصال عنه، ولكن من ناحية أخرى لا يملكون القوة والإرادة على تنظيم حياتهم وفق منهج القرآن، فقد جاءت كل هزائمنا ابتداءً من غزوة أحد وما تلاها من هزائم لتؤكِّد هذه الحقيقة أنه عندما نتخلَّى عن الإسلام يتخلَّى النصر عنا.
الفكرة من كتاب الإعلان الإسلامي
إن “المجتمع الإسلامي لا يُبنى ولا يتم إصلاحه بالقانون أو باسم القانون، ولكن باسم الله وعن طريق تعليم الإنسان المسلم وتربيته”..
يناقش الكاتب في هذا الكتاب قضايا الأمة المسلمة ومبادئ النهضة والعوامل الخارجية المؤثرة في تقدمها وكيفية التعامل معها باقتراح حلول بناءة بتكثيف الجهود والمثابرة في العلم والعمل، ويُعدُّ هذا الكتاب هو الشقُّ العملي لفكر الكاتب حيث يضع فيه بيجوفيتش المبادئ التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي موجهًا الحديث إلى المسلمين الذين يعلمون إلى أي كيان ينتمون، ومن ثم معرفة ما تحتِّمه طبيعة هذا الانتماء.
مؤلف كتاب الإعلان الإسلامي
علي عزت بيجوفيتش : ناشط سياسي وفيلسوف إسلامي وأول رئيس جمهوري لجمهورية البوسنة والهرسك، ولد عام 1925 م بمدينة بوسانا كروبا، تخرج في جامعة سراييفو في القانون والآداب والعلوم، عمل مستشارًا قانونيًّا لمدة 25 عامًا ثم اعتزل وتفرَّغ للبحث والكتابة، حكمت عليه السلطات الشيوعية بالسجن خمس سنوات عام 1949م، وأفرج عنه سنة 1954م، أنشأ حزب العمل الديمقراطي بالتعاون مع أصحابه وخاض به انتخابات البوسنة المستقلة عام 1990م وفاز بأغلبية ساحقة، صمد علي عزت بيجوفيتش وشعبه الأعزل في مواجهة الغزو الصربي لا أمل له إلا في وجه الله ونصر من عنده.
من أهم مؤلفاته: “الإسلام بين الشرق والغرب”، و”الفرار إلى الحرية”، و”الأقلية الإسلامية في الدول الشيوعية”، نال علي عزت جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1993م، وتُوفِّي في التاسع عشر من أكتوبر عام 2003م عن عمر يناهز الثامنة والسبعين بعد جهاد وكفاح مرير.