الإسلام والعلاقات
الإسلام والعلاقات
جاء الإسلام ليكون رسالة للناس كافة في كل الأرض، وقال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾، فدعا للتعارف مع كل البشر، ودعا للبر والقسط والرحمة، حتى مع الكافرين: ﴿لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾، فجعل المؤمنين قادرين على احتواءكل الناس تحت رايتهم يشملونهم بالإحسان والمودة، ويحملون السلام والأمن للناس جميعًا.
والإسلام قرَّر للإنسان ثلاث كرامات، كرامة عصمة وحماية، وكرامة عزة وسيادة، وكرامة استحقاق وجدارة.
أما الأولى فيستحقها بمجرد خلقه إنسانًا بقوله تعالى ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾، وهي حماية وصيانة لدمه وعرضه وماله ومسكنه، فلا يحل لأحد أن يؤذيه ما لم ينتهك حدًّا، والثانية يكتسبها بإيمانه، ومن عقيدته واتباعه الحق ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾، فيتحرَّر من عبودية الناس والأشياء والهوى فلا يكون عبدًا إلا لله الواحد الأحد، والثالثة يستحقها بعمله وإحسانه ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا﴾.
ولم يكتفِ الإسلام بإقرار الكرامة الإنسانية، بل استفزَّها في النفوس وأحياها حتى لا يكون بين المؤمنين خانع ولا ذليل فيقول النبي: “من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون مظلمته فهو شهيد”، أن تبشر بالشهادة فلا يبقى في قلبك خوف من الانتصار لنفسك ودينك وعرضك، ويقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾، تهديد ووعيد شديدين لمن يستسلم لضعفه، فما يبقى للإنسان يخشى عليه؟ أينجو بحياته مهانًا ذليلًا في الدنيا ثم يختم عليه بذلك في الآخرة؟!
الفكرة من كتاب نظرات في الإسلام
من بين كل الحركات الدينية، والحركات الإصلاحية، كانت رسالة الإسلام هي الأكثر استقرارًا وتمكنًا من النفوس، والأكبر والأبعد أثرًا في المجتمعات، ودعوة الإسلام لما قامت فكأنها أنشأت الإنسان خلقًا آخر، وحوَّلته من حمية الجاهلية إلى حمية في الحق، واتحدت شخصية الداعي محمد (ﷺ)، ومنهاج الدعوة وطبيعتها، وطبيعة الأمة التي بُعث فيها النبي، اتحد كل ذلك بتدبير الله ورعايته ليتم الله لنا الدين، ويتم لنا رسالته، رسالة الفطرة والحق والإنسانية.
مؤلف كتاب نظرات في الإسلام
الدكتور محمد عبد الله دراز: إمام ومفكر مصري، ولد في محافظة كفر الشيخ عام 1894م، وهو من أسرة علمية عريقة، درس بالأزهر وحصل على الشهادة العالمية عام 1916، ابتُعِث إلى فرنسا في منحة علمية بجامعة السوربون، وحصل منها على درجة الدكتوراه في فلسفة الأديان، اشتغل بالتدريس في عدد من الجامعات المصرية، وكان عضوًا في جماعة كبار العلماء، كما كان عضوًا في اللجنة العليا لسياسة التعليم، وفي اللجنة الاستشارية الثقافية في الأزهر، وتُوفِّي عام 1958م.
ومن مؤلفاته:
النبأ العظيم، نظرات جديدة في القرآن.
الدين، بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان.
زاد المسلم للدين والحياة.