الشخصية الإيجابية المصرية بين حرب أكتوبر و25 يناير
الشخصية الإيجابية المصرية بين حرب أكتوبر و25 يناير
كان انتصار المصريين في حرب أكتوبر نقطة تحول بالنسبة لوجهة نظر بعض الباحثين، فالأداء البطولي للقوات المسلحة في حرب أكتوبر من فاعلية الجندي المصري وجسارته، إضافةً إلى التخطيط العلمي الدقيق قد أديا إلى تغيُّر ملموس في تقييم الشخصية المصرية لدى عدد من الكتاب والمفكرين؛ حيث حوَّل اتجاههم السلبي نحو العرب إلى النظرة الإيجابية بعد الانتصارات، حيث بدؤوا يضفون عليهم بعض السمات الإيجابية بعدما طالتها سهام النقد الجارحة الناتجة عن سيادة نظرة تجزيئية مسطحة للشخصية المصرية، إذ إن كل هذا هو حصيلة منهج تجزيئي معيب في النظر للشخصية القومية بعيدًا عن السياق التاريخي الذي تمارس فيه فعلها.
ولكن وجد أن الباحثين ما زالوا ينظرون نظرة سلبية إلى الشخصية العربية وخصوصًا عندما فسر بعض الباحثين أن سبب الفوز في الحرب هو أن المصريين ليسوا عربًا وإنما فلاحون والفلاحون هم السبب في الانتصار، ما جعل الكتاب والباحثين يتجهون إلى دراسة علاقة النسق الرئيس (الوطن العربي) بالنسبة للأنساق الفرعية (مصر- تونس – الأردن- وغيرها)، وأثاروا سؤالًا من خلال هذه الدراسة: هل هناك أمة عربية واحدة أم أمم متعددة؟
وكان من ضمن هذه النتائج أن هناك أممًا متعددة، وذلك بسبب الاختلاف بين التكوينات المتعددة التي تشكِّل لقومية العربية، ويتضح من ذلك أن الكتَّاب العرب حاولوا أن يركِّزوا على الصفات السلبية كتعنيف ذاتي، مفسِّرين ذلك بأنه قد أحدث صدمة لدى الوعي العربي المعاصر للتعجُّل بإحداث التغيير.
إلا أن تلك الشخصية الإيجابية التي ظهرت في حرب أكتوبر بدأت بالانحدار على مرور الزمن، وذلك بسبب الفساد الذي واجهوه في السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك، والذي أدَّى إلى هبوب عاصفة الشخصية الثورية التي حطَّمت القيود السلطوية لتطالب بحقها في عملية اتخاذ القرار الذي ظهر في 25 يناير، وفي هذا المحك كانت مصر تحاول الوصول إلى الشخصية القومية المصرية المتكاملة وخصوصًا بعد انتهاء حكم الإخوان الدكتاتوري، وبدأ نظام جديد ديمقراطي في الحكم، وذلك لم يكن سهلًا في ظل عدم الالتفات إلى ضرورة التأليف الخلاق بين إشباع المطالب المادية والروحية للجماهير، ومن ناحية أخرى الربط الوثيق بين الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية، لذلك وجد تحقيق الشخصية القومية المصرية العديد من العوائق التي تقف الآن أمام طريق تحقيق التكامل.
الفكرة من كتاب الشخصية العربية بين مفهوم الذات وصورة الآخر
في أول دراسة موثَّقة عن الشخصية العربية، يحاول الكتاب بمنهجية أكاديمية غير جافة النظر إلى قضية الصراع العربي الإسرائيلي بشكل محايد ومن مدخل علم الاجتماع السياسي ومفاهيم الشخصية القومية في محاولة للإجابة على عدة أسئلة: ما النظرة المتحكمة في رؤية الغرب لنا؟ وكيف تمكَّن المثقفون والأكاديميون العرب منهم والإسرائيليون من تحليل قضية الصراع العربي الإسرائيلي من مدخل نفسي اجتماعي.
مؤلف كتاب الشخصية العربية بين مفهوم الذات وصورة الآخر
السيد يسين: مفكر سياسي واجتماعي مصري، ولد عام 1933، وشغل العديد من المناصب كرئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والأمين العام لمنتدى الفكر العربي، إضافةً إلى عمله مساعدًا بوزارة الخارجية ومديرًا بوزارة البحث العلمي وأستاذًا لعلم الاجتماع السياسي في المركز الوطني للأبحاث الاجتماعية والعلوم الجنائية، وقد حصل على العديد من الجوائز؛ أهمها: جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، وجائزة أفضل كتاب في مجال الفكر عن كتاب “الوعي التاريخي والثورة الكونية”، وتوفي في مارس 2017.