تحدِّيات الصِّبا
تحدِّيات الصِّبا
اشترك “مارك توين” في سن الخامسة عشرة في منظمة تدعو إلى الاعتدال في تعاطي الكحول والتدخين، وكان يخرج في مسيرات، مع فرق المطافي ومع الجنود في عيد الاستقلال وغيرها من المناسبات. كان توين قد بدأ التدخين في التاسعة من عمره، وكان يدخن سرًّا ثم جهر بذلك بعدها، وقد حاول توين الإصلاح من شأنه وسلوكه، غير أنها محاولات تبوء بالفشل آخر الأمر.
وحكاية الطبيب المختص في التنويم المغناطيسي، والذي قابله “مارك توين” بالرغبة في الوقوف على المنصة التي كان يقف عليها ذلك الطبيب ليخوض تجربة التنويم المغناطيسي، لكن توين كان يمثل فحسب ليخوض التجربة، ويعرف في تلك السن الصغيرة كيف لا يخاف من الإيحاءات العقلية، إلا أنه علم أيضًا معنى الضيق المكتسب من مجد مبني على أكذوبة.
عندما تفشَّى مرض الحصبة في القرية عام 1845 كان “مارك توين” في العاشرة من عمره، وانتشر الموت بشكل مرعب بين الصغار، وكانت والدته قلقة بشأنه هو وأخويه باميلا وهنري، وبذلت وسعها كي تقيهم الإصابة بالمرض، ولكن “توين” تعب من كونه مهددًا على الدوام بالموت، إذ أفسد عليه هذا الخوف أيامه ولياليه، ففكر في أن يذهب إلى “ويل بوين” الذي كان مصابًا بالمرض، حتى يُصاب بالعدوى هو الآخر، وأُصيب توين بالفعل إصابة قوية بمرض الحصبة؛ وضعته على أعتاب الموت، ففقد معه الاهتمام بكل شيء، ذلك الإحساس كان رائعًا بالنسبة لتوين، عاشه وهو يجابه تجربته مع الموت.
وكان أول حديث عن العاطفة في حياة “مارك توين” تحديًا آخر، وصف “توين” الفتاة التي أحبها في الماضي البعيد، وكان ذلك في وقت من أوقات الصيف فوق تلك السفينة في سفرة من سفراته، بعذوبة ذكرى مشاعره تجاهها فيقول عنها: “كانت فتاة نقية بسيطة، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تخرج فيها في حياتها من المكان الذي كانت تعيش فيه، فقد جاءت وهي تحمل معها عذوبة ذلك المكان ونقاءه”.
الفكرة من كتاب مارك توين.. سيرة ذاتية
يُقدِّم الكاتب الأمريكي “مارك توين” لسيرته الذاتية بأسلوبه الأدبي المشوِّق، ليجذب إليه نظر القارئ من الوهلة الأولى، فيقول: “سأضع في اعتباري في هذه السيرة الذاتية أني أتحدث إليكم من وراء القبر، وأني سوف أكون في عداد الأموات حين يصدر هذا الكتاب.. لقد بدا لي أنه يمكنني أن أتحدث بمطلق الراحة والحرية -كما لو كنت أكتب رسالة غرامية- في حال تأكد لي أنَّ ما سأكتبه لن تقع عليه عين إلا بعد وفاتي وتحرُّري من قيود هذه الدنيا”.
إن ما يجعل أي سيرة ذاتية جديرة بالقراءة هو الصدق والقرب ومقدرة الإنسان على أن يجعل القارئ مُشاركًا له في همِّه، وقد استطاع مارك توين في سيرته الذاتية أن يجعلنا مشاركين معه في ألمه وسخريته في ذات الوقت، على الرغم من مرور قرن من الزمان على أحداثها الحقيقية الحية.
مؤلف كتاب مارك توين.. سيرة ذاتية
مارك توين: واسمه الحقيقي “صمويل لانغهورن كليمنس”، هو كاتب أمريكي ساخر، ولد في 30 نوفمبر 1835، وتوفي في 21 أبريل 1910، وقد نُقِلت عنه الكثير من الأقوال المأثورة والساخرة، وكان صديقًا للعديد من الرؤساء والفنانين ورجال الصناعة وأفراد الأسر المالكة الأوروبية، ووصف بعد وفاته بأنه “أعظم الساخرين الأمريكيين في عصره”، كما لقَّبه وليم فوكنر بأبي الأدب الأمريكي.
أهم أعماله: “مغامرات هكلبيري فين” (1884) التي وصفت بأنها “الرواية الأمريكية العظيمة”، و”مغامرات توم سوير” (1876).