الشرق في مواجهة الغرب
الشرق في مواجهة الغرب
يوضح غينون أن التمايز بين الحضارات المختلفة لا يعني التعارض بينها، فيمكن أن يكون هناك تفاهم أو تكامل بين تلك الحضارات إذا كانت ترتكز على نفس المبادئ، وهذه المبادئ تتمثَّل في الحدس العقلي والمذهب الميتافيزيقي الروحي.
ويرى غينون أن الشرق لا يمثل حضارة واحدة، بل توجد حضارات شرقية، ولذلك يميز بين الحضارة الصينية، والحضارة الهندية، والحضارة الإسلامية، ولكن رغم التباين الموجود بين هذه الحضارات، فإنها متكاملة لأنها حضارات تقليدية ترتكز على نفس المبادئ، بينما يظهر التعارض بين الشرق والغرب لأن الحضارة الغربية منقطعة عن أي تقليد ولا تعترف بأي مبدأ أسمى، فالعقل الشرقي متناقض مع العقل الغربي لأن الأول تقليدي والثاني معادٍ للتقليد، ولذلك فإن عودة الغرب إلى التقليد ستضمن إعادة التفاهم مع الشرق.
من المظاهر التي تفصل الشرق عن الغرب أيضًا أن الحضارة الغربية الحديثة هي حضارة مادية، ويظهر هذا في العلم الحديث الذي يحصر الواقع في الأشياء المحسوسة، ويظهر أيضًا في سيطرة الاقتصاد والصناعة على حياة الأفراد، وهذه الحضارة المادية تخلق لأفرادها حاجات وهمية وتغذِّي الشهوات دون أن تحدِّد نقطة بعينها للتوقُّف عندها.
وينتقد غينون التصوُّر الذي يقوم على أن العلاقات التجارية بين الدول يمكن أن تحقِّق تقاربًا بين الشرق والغرب لأنه يرى أن المجال الاقتصادي ميدان صراع على المصالح، وبالتالي لا يحقق أي تفاهم بين الشعوب، وأن الشرق اضطرَّ إلى الانخراط في التجارة والصناعة من أجل التخلُّص من الهيمنة الغربية.
الفكرة من كتاب أزمة العالم الحديث
يناقش غينون الأزمة التي يمر بها العالم الحديث، ويشير إلى أن سبب هذه الأزمة يتلخَّص في الانقطاع عن التراث والجوانب الروحية، ففي هذا الكتاب، يركِّز غينون على التدهور الذي أنتجه العقل الغربي الحديث في مجالات العلوم والفلسفة والاجتماع والسياسة، ويعرض نماذج من هذا التدهور الذي يظهر في: العلم الدنيوي، والفردانية، والفوضى الاجتماعية، وغيرها، كما يشير الكاتب أيضًا إلى وجهة نظره في كيفية الخروج من هذه الأزمة.شش
مؤلف كتاب أزمة العالم الحديث
رينيه غينون: كاتب ومفكر فرنسي وُلد في نوفمبر عام 1886، تأثَّر بالعقائد الشرقية وعلى رأسها الصوفية، اعتنق الإسلام عام 1912 وسمى نفسه “عبد الواحد يحيى”، ذهب إلى الجزائر عام 1917 حيث درَّس الفلسفة في إحدى الجامعات هناك، ثم سافر إلى مصر عام 1930 حيث استقر فيها وحصل على جنسيتها وتوفي فيها عام 1951.
من أشهر مؤلفاته: “الشرق والغرب”، و”هيمنة الكم وعلامات آخر الزمان”.
معلومات عن المترجمين:
عدنان نجيب الدين: باحث أكاديمي ومترجم وأستاذ الفلسفة المعاصرة في الجامعة اللبنانية، ولد عام 1951 في بيروت، عمل في مجال التعليم وحاضر في الفلسفة والترجمة.
والشيخ جمال عمَّار