تحديات علم النفس الشرعي
تحديات علم النفس الشرعي
هناك العديد من العقبات التي تقف في طريق علم النفس الشرعي وممارسيه، فالوصول إلى الشهود محفوف دائمًا بالمخاطر التي يجب التخطيط لها لتجنُّب حدوثها، وبغض النظر عن العلم المجرد؛ فإن العمل المباشر مع المسجونين يتطلَّب كثيرًا من الاحترازات والإجراءات المشدَّدة، كما أنهم يتجنَّبون المشاركة طواعيةً في الأبحاث التي تخدم هذا العلم باعتبارهم فئران تجارب.
فقد يرفضون بدافع الشعور بالصدمة أو الرغبة في تضليل من يستجوبهم، كما أن هنالك ظاهرة شائعة الحدوث، ألا وهي أن بعض المجرمين لا يتحلون بوضوح نفسي دقيق، وإن كان غير مقصود، لكن له تبعاته على أية حال، وعليه فهذه التحديات تستدعي تسلُّح عالم النفس الشرعي بالعديد من الأدوات والمهارات في سبيل الوصول إلى الحقيقة.
وعلى الصعيد الآخر وبالنظر إلى حالة المجرمين أنفسهم، فنلاحظ أن عددًا كبيرًا منهم يرتكب مزيجًا من الجرائم، وهناك من يتصالحون مع أفعالهم الإجرامية كأنهم اتخذوا من الإجرام حرفة يمارسونها بشكل يومي، وذلك بدوافع متباينة، ومنها الاضطراب العقلي، وهو الخلل أو العطل الدماغي الذي ينتج عنه تعطل أو تأخير الأداء الطبيعي المتوقَّع من الفرد.
وهناك نوع آخر من المجرمين الذين عاشوا حياة طويلة بأيدٍ بيضاء، ونلاحظ تباين دوافع علماء النفس والقضاة في تقييم الجريمة، وعليه فقد ابتكر علماء النفس طريقة بعيدة عن الطب والمحاماة تمكنهم من الوصول إلى الأجوبة، وبخاصةٍ أن بعض التهم تتم خارج سيطرة الجاني بسبب الجينات أو الهرمونات أو الخبرات الاجتماعية.
ومن التحديات التي تواجه علماء النفس الشرعي أثناء شهادتهم في المحكمة؛ المعلومات المتحاملة، وتعني التأثير في شهادة عالم النفس مثلًا بسبب عدم الاقتناع أن هذه الشخصية سترتكب هذا الفعل، فقد تعامل الخبراء الشرعيون بطريقة تختلف عن السياق القانوني المتعارف عليه، وتحرص المحكمة على أن تكون شهادة الخبير جديرة بالأخذ بها ولكن ليس أكثر من اللازم.
الفكرة من كتاب علم النفس الشرعي (مقدمة قصيرة جدًّا)
للجريمة وجود عنيد في المجتمع على مر التاريخ، وهذا الكتاب يسلِّط الضوء على بعض المساحات المعتمة في ساحات الجريمة انطلاقًا من علم النفس الشرعي، بدايةً من الدوافع وانتهاءً بإصلاح هؤلاء المجرمين، كما يتعرَّض لطرق أخذ الاعترافات بسلمية من المتهمين، ولعلَّك تلاحظ أن البعض قد يحصر علم النفس الشرعي في تحديد أوصاف الجناة فقط.
ولكن حقيقة هذا العلم هو أنه العلم المنوط به فهم المبادئ القانونية وإدراك الاعتبارات القضائية؛ من أجل الوقوف على أسباب الجريمة والوصول إلى مرتكبيها، والمؤلف يتناول في هذا الكتاب عدة قضايا مهمة ومنوَّعة، من التحدِّيات التي تقف أمام هذا العلم، إلى نظرة أعمق في فهم نفسية ودوافع المجرمين، كما يتناول الدور الذي يلعبه علم النفس الشرعي في المحكمة.
والذي يشتمل على كثير من المواقف الشائكة، مثل: معايير تحديد إصابة أحدهم بالجنون، أو الوقوف على حقيقة ادعائه، كما أن الكاتب مهتم بتوضيح المصطلحات والمفارقات، وإشكاليات هذا العلم الذي يتقاطع بطبيعة الحال مع عدد من العلوم الأخرى، والكاتب يشير إلى أن علم النفس الشرعي لم يدخل إلى الساحات القضائية مرة واحدة.
وإنما كانوا يلجؤون إليه بغية التصنيف الطبي للجناة وأفعالهم، كما يطرح الكاتب عددًا من الأسئلة والقضايا المحيرة، مثل: هل الممارسات الإجرامية في حالة المرض العقلي هي رد فعل، أم أنها نتيجة مباشرة للمرض؟ على أن الجيد في الأمر أن هذا العلم يجذب إلى أصحاب الكفاءات، كما أن تطوُّره ينعكس على علم النفس المهني بصورة مباشرة.
مؤلف كتاب علم النفس الشرعي (مقدمة قصيرة جدًّا)
ديفيد كانتر : طبيب نفساني، عمل أستاذًا لعلم النفس في جامعة ساري لمدة عشر سنوات، وقد أدار مركز الأبحاث الدولي في هذا المجال في جامعة هيدرسفيلد، والكاتب مهتم بعدة مجالات؛ منها: علم النفس البيئي، والجريمة، والطب الشرعي، وعلم النفس الاستقصائي.
وللكاتب عدد من المؤلفات في علم النفس الشرعي، وكذلك علم نفس المعمار، والذي يختصُّ بدراسة التفاعل بين البشر والمباني، كما أن الكاتب يقدم العديد من الاستشارات بشأن تصميم المدارس والسجون وغيرها من المباني، ومن مؤلفاته: “The Study of Meaning in Architecture” و”Psychology in Action”.
معلومات عن المترجم:
ضياء ورَّاد: تخرَّج في كلية الآداب والتربية عام 2006، عمل بالترجمة والتحرير باللغة الإنجليزية، كما شارك في مؤسسة هنداوي كمترجم أول، ومراجع للعديد من الكتب والمقالات والمدوَّنات المترجمة.
وله عدة أعمال، منها: “خمس دقائق مفيدة في المساء”، و”مأساة من ثلاثة فصول”.