أنشطة علم النفس الشرعي
أنشطة علم النفس الشرعي
أحد أشكال الدوافع في علم النفس الشرعي ما يسمى بـ”القصد الجنائي”، ويعني توافر القدرة الواعية المؤدية لارتكاب الأعمال الإجرامية، كما أنه يبرهن على السلامة العقلية لدى الشخص، وفي حالة غياب هذه السلامة بسبب الجنون، فإنه لا بد من البرهنة على إصابة الشخص بمرض عقلي، ما تسبَّب في اقترافه للجريمة، لكي تتم الإدانة في إطارها المناسب.
وسمِّي هذا المعيار بـ”قواعد ماكنوتن” نسبة إلى شخص قام بجريمة قتل بدافع الجنون، ولم يعد يقتصر دور علماء النفس على إبداء الملاحظات الخاصة بالقصد الجنائي للمتهم فحسب، وإنما تجاوز ذلك ليشمل تقييمًا عامًّا للجناة من خلال عدة جوانب نفسية لاقت اهتمامًا على الصعيد القانوني، كما اتسع دور علم النفس بشكل أبعد من هذا.
ليشمل أيضا تقييم موثوقية الشهود واختيار هيئة المحلفين، وذلك بغض النظر عن الاعتبارات الإكلينيكية، ويوجد مصطلح يُسمَّى “علم النفس التصحيحي”، وهو علم النفس الخاص بدراسة السجون وعمليات المراقبة، وهو المختصُّ أيضًا بدراسة نفسية المجرمين أثناء فترة عقابهم وبعدها، وكذلك وضع خطط لتقويم سلوكياتهم، وربما لا يلقى هذا المجال قبولًا لدى السجناء باعتبارهم مرضى نفسيين.
وتجدر بنا الإشارة هنا إلى أن هناك أنواعًا عديدة من الشهود، فهناك شهود العيان أو الشهود على حسن السير والسلوك، أو الخبراء، والذين يمثلون نوعًا مميزًا من الشهود، فهو لا يكتفي بسرد الواقع الذي عاينه، وإنما يفسره بناءً على حكمته وبصيرته، كما أنه يقدِّم نوعًا من الشهادة يُعتقد أنه لن يقدمها أحد غيره.
كما أن لعلم النفس الشرعي دورًا بارزًا في تحقيقات الشرطة، وذلك بسبب الحاجة الماسة إلى شارلوك هولمز في العصر الحديث للتفتيش وراء الجرائم، وتحديد أوصاف الجناة، ولعلَّ البعض يصدق في شخصيته للدرجة التي تجعله يخلط بين شاشة التلفزيون والواقع، لكن حقيقة الأمر هي تحسين عمليات صنع القرار، وذلك عن طريق الوقوف على عدد من الاكتشافات النفسية وفهمها وتحليلها.
الفكرة من كتاب علم النفس الشرعي (مقدمة قصيرة جدًّا)
للجريمة وجود عنيد في المجتمع على مر التاريخ، وهذا الكتاب يسلِّط الضوء على بعض المساحات المعتمة في ساحات الجريمة انطلاقًا من علم النفس الشرعي، بدايةً من الدوافع وانتهاءً بإصلاح هؤلاء المجرمين، كما يتعرَّض لطرق أخذ الاعترافات بسلمية من المتهمين، ولعلَّك تلاحظ أن البعض قد يحصر علم النفس الشرعي في تحديد أوصاف الجناة فقط.
ولكن حقيقة هذا العلم هو أنه العلم المنوط به فهم المبادئ القانونية وإدراك الاعتبارات القضائية؛ من أجل الوقوف على أسباب الجريمة والوصول إلى مرتكبيها، والمؤلف يتناول في هذا الكتاب عدة قضايا مهمة ومنوَّعة، من التحدِّيات التي تقف أمام هذا العلم، إلى نظرة أعمق في فهم نفسية ودوافع المجرمين، كما يتناول الدور الذي يلعبه علم النفس الشرعي في المحكمة.
والذي يشتمل على كثير من المواقف الشائكة، مثل: معايير تحديد إصابة أحدهم بالجنون، أو الوقوف على حقيقة ادعائه، كما أن الكاتب مهتم بتوضيح المصطلحات والمفارقات، وإشكاليات هذا العلم الذي يتقاطع بطبيعة الحال مع عدد من العلوم الأخرى، والكاتب يشير إلى أن علم النفس الشرعي لم يدخل إلى الساحات القضائية مرة واحدة.
وإنما كانوا يلجؤون إليه بغية التصنيف الطبي للجناة وأفعالهم، كما يطرح الكاتب عددًا من الأسئلة والقضايا المحيرة، مثل: هل الممارسات الإجرامية في حالة المرض العقلي هي رد فعل، أم أنها نتيجة مباشرة للمرض؟ على أن الجيد في الأمر أن هذا العلم يجذب إلى أصحاب الكفاءات، كما أن تطوُّره ينعكس على علم النفس المهني بصورة مباشرة.
مؤلف كتاب علم النفس الشرعي (مقدمة قصيرة جدًّا)
ديفيد كانتر : طبيب نفساني، عمل أستاذًا لعلم النفس في جامعة ساري لمدة عشر سنوات، وقد أدار مركز الأبحاث الدولي في هذا المجال في جامعة هيدرسفيلد، والكاتب مهتم بعدة مجالات؛ منها: علم النفس البيئي، والجريمة، والطب الشرعي، وعلم النفس الاستقصائي.
وللكاتب عدد من المؤلفات في علم النفس الشرعي، وكذلك علم نفس المعمار، والذي يختصُّ بدراسة التفاعل بين البشر والمباني، كما أن الكاتب يقدم العديد من الاستشارات بشأن تصميم المدارس والسجون وغيرها من المباني، ومن مؤلفاته: “The Study of Meaning in Architecture” و”Psychology in Action”.
معلومات عن المترجم:
ضياء ورَّاد: تخرَّج في كلية الآداب والتربية عام 2006، عمل بالترجمة والتحرير باللغة الإنجليزية، كما شارك في مؤسسة هنداوي كمترجم أول، ومراجع للعديد من الكتب والمقالات والمدوَّنات المترجمة.
وله عدة أعمال، منها: “خمس دقائق مفيدة في المساء”، و”مأساة من ثلاثة فصول”.