ماهية علم النفس الشرعي
ماهية علم النفس الشرعي
تتعدَّد أشكال الجرائم من قتل وإساءة معاملة للأطفال وابتزاز عاطفي واغتصاب وغيرها، ويهدف الاهتمام بتحليل تلك الجرائم إلى محاولة فهم دوافع الأفراد وتقويمها؛ وذلك على اختلاف وظيفتهم في العملية الجنائية، وإن معالجة نفسيات هؤلاء البشر يعد من أهم تطبيقات علم النفس الشرعي، والجدير بالذكر أن تعيين تعريف محدد لعلم النفس الشرعي لا يبدو سهلًا على الإطلاق.
فكل مؤلف يمكن أن يتناوله من زاوية لا يمسها آخر، كما أن الكاتب يشير إلى أن هذا العلم متحول بطبعه -كالحرباء- وفقًا لمقتضيات قانونية واجتماعية وثقافية، منها: الوقوف على دوافع المجرمين، والمساعدة على عملية التحقيق، والإيقاع بمرتكبي الجريمة، وكذلك تقديم آليات منوعة للتعامل مع الجناة، ولكنه اليوم حاضرًا أيضًا في القرارات التي تتخذها المحكمة.
فقد اهتم العديد من الباحثين بقضية دور علم النفس في القانون، وذلك بهدف التحري عن الجناة، وإدارة محاولات إعادة تأهيل المسجونين ودمجهم مع المجتمع فيما بعد، وعليه فإن إحدى الركائز المهمة التي يقف عليها علم النفس الشرعي هي الركيزة الأكاديمية التي تفسر المخالفات القانونية، ونلاحظ أن علم النفسي الشرعي يقوم بدوره بالدمج بين العديد من العلوم المختلفة.
فنجده يندمج مع الطب النفسي الشرعي وعلم القانون، وعلم نفس النمو، والقياس النفسي، إلا أن هذا الدمج قد يؤدي أحيانًا إلى التباس بعض المفاهيم، فعلم النفس الشرعي يصبُّ مثلًا في مصلحة علم النفس العام ولا يتساوى به، ويتجلى ذلك في تحليل صناعة القرارات، ودراسة سيكولوجية الذاكرة ودورها في عمليات الاستجواب، والوقوف على دور الاضطراب العقلي في الجريمة.
ويخلط البعض بين علم النفس الشرعي وعلم الجريمة، أما الأول فهو المهتم بدراسة الجريمة ذاتها والأسباب الاجتماعية حولها، أما علم النفس الشرعي فيتناول دراسة المجرمين أنفسهم والأسباب التي تشكِّل دوافعهم، وقد لا يجد البعض أحيانًا فرقًا جوهريًّا بين علم النفس الشرعي والطب الشرعي، والحقيقة أن الأخير يهتم بدراسة الكيمياء وعلم السموم، بخلاف دراسة وتحليل السلوكيات في الجريمة.
الفكرة من كتاب علم النفس الشرعي (مقدمة قصيرة جدًّا)
للجريمة وجود عنيد في المجتمع على مر التاريخ، وهذا الكتاب يسلِّط الضوء على بعض المساحات المعتمة في ساحات الجريمة انطلاقًا من علم النفس الشرعي، بدايةً من الدوافع وانتهاءً بإصلاح هؤلاء المجرمين، كما يتعرَّض لطرق أخذ الاعترافات بسلمية من المتهمين، ولعلَّك تلاحظ أن البعض قد يحصر علم النفس الشرعي في تحديد أوصاف الجناة فقط.
ولكن حقيقة هذا العلم هو أنه العلم المنوط به فهم المبادئ القانونية وإدراك الاعتبارات القضائية؛ من أجل الوقوف على أسباب الجريمة والوصول إلى مرتكبيها، والمؤلف يتناول في هذا الكتاب عدة قضايا مهمة ومنوَّعة، من التحدِّيات التي تقف أمام هذا العلم، إلى نظرة أعمق في فهم نفسية ودوافع المجرمين، كما يتناول الدور الذي يلعبه علم النفس الشرعي في المحكمة.
والذي يشتمل على كثير من المواقف الشائكة، مثل: معايير تحديد إصابة أحدهم بالجنون، أو الوقوف على حقيقة ادعائه، كما أن الكاتب مهتم بتوضيح المصطلحات والمفارقات، وإشكاليات هذا العلم الذي يتقاطع بطبيعة الحال مع عدد من العلوم الأخرى، والكاتب يشير إلى أن علم النفس الشرعي لم يدخل إلى الساحات القضائية مرة واحدة.
وإنما كانوا يلجؤون إليه بغية التصنيف الطبي للجناة وأفعالهم، كما يطرح الكاتب عددًا من الأسئلة والقضايا المحيرة، مثل: هل الممارسات الإجرامية في حالة المرض العقلي هي رد فعل، أم أنها نتيجة مباشرة للمرض؟ على أن الجيد في الأمر أن هذا العلم يجذب إلى أصحاب الكفاءات، كما أن تطوُّره ينعكس على علم النفس المهني بصورة مباشرة.
مؤلف كتاب علم النفس الشرعي (مقدمة قصيرة جدًّا)
ديفيد كانتر : طبيب نفساني، عمل أستاذًا لعلم النفس في جامعة ساري لمدة عشر سنوات، وقد أدار مركز الأبحاث الدولي في هذا المجال في جامعة هيدرسفيلد، والكاتب مهتم بعدة مجالات؛ منها: علم النفس البيئي، والجريمة، والطب الشرعي، وعلم النفس الاستقصائي.
وللكاتب عدد من المؤلفات في علم النفس الشرعي، وكذلك علم نفس المعمار، والذي يختصُّ بدراسة التفاعل بين البشر والمباني، كما أن الكاتب يقدم العديد من الاستشارات بشأن تصميم المدارس والسجون وغيرها من المباني، ومن مؤلفاته: “The Study of Meaning in Architecture” و”Psychology in Action”.
معلومات عن المترجم:
ضياء ورَّاد: تخرَّج في كلية الآداب والتربية عام 2006، عمل بالترجمة والتحرير باللغة الإنجليزية، كما شارك في مؤسسة هنداوي كمترجم أول، ومراجع للعديد من الكتب والمقالات والمدوَّنات المترجمة.
وله عدة أعمال، منها: “خمس دقائق مفيدة في المساء”، و”مأساة من ثلاثة فصول”.