إدمان مواقع التواصل الاجتماعي
إدمان مواقع التواصل الاجتماعي
إن من الأسباب الرئيسة لجلوس الإنسان على الإنترنت لساعات طويلة شعوره “بالإغراء المتقطع”، فهذا النوع من الإغراء يكون له تأثير كبير في سلوك الإنسان، إذ تجعله المفاجآت غير المتوقعة يستمر في ما يفعله، لأنها تمنحه نوعًا من الإثارة والمتعة، بسبب زيادة إفراز مادة “الدوبامين” -التي تشعر الإنسان بالسعادة- في الدماغ، فنحن نستمر في تصفُّح المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي لأنها تمنحنا المتعة والإثارة.
فتلك المواقع بأشكالها المختلفة مصمَّمة من أجل تلبية احتياجاتك الفسيولوجية، إذ تمنحك المكافآت التي تغريك بالعودة إليها مرة أخرى، ومن الاحتياجات الفسيولوجية التي تلبِّيها للإنسان الاحتياج إلى الأمان، والحب، والانتماء، والتقدير، وتحقيق وإثبات الذات، فكون المرء مجهولًا على الفضاء السيبراني يمنحه الإحساس بالأمان، لأنه سوف يقول ويفعل ما يشاء دون قيد أو رقيب، كما أن اشتراكه في التجمُّعات والجروبات يمنحه الشعور بالانتماء، إلى جانب أن تلقِّيه للرسائل وحصوله على إعجابات وعبارات المادحين على منشوراته يحقق له الاعتزاز بالنفس وإثبات الذات.
فمحرك البحث “جوجل” يمنحك تلك الجرعات من الدوبامين من خلال بحثك المستمر عن كل ما هو جديد، والفضول تجاه معرفة كل شيء، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” تمنح المرء تلك الجرعات عن طريق نشر المعلومات الشخصية، كمشاركة المشاعر والآراء، والدخول في النقاشات التي تشعر الإنسان بالإثارة والمتعة.
ولهذا الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي آثاره الجانبية، كالعزلة والوحدة، فأنت تشعر أن زوجتك التي تجلس بجانبك بعيدة عنك، لأنها تقضي ساعات طويلة منشغلة بالمجاملات وإبداء التعليقات، كما تجد صديقك المقرب يقطع الحديث لحظة سماعه صوت إشعار الرسائل الصادر من هاتفه.
الفكرة من كتاب التأثير السِّيبراني.. كيف يغيِّر الإنترنت سلوك البشر؟
تشهد حياة البشر تغيرات كبيرة بفعل تأثير الفضاء السيبراني -الإلكتروني- في السلوك البشري، نعم، إن الحياة الواقعية تتميَّز عن الفضاء السيبراني، لكن هناك كثيرًا من المعايير الجديدة المستحدثة والناشئة في الفضاء السيبراني تهاجر منه إلى حياتنا الواقعية وتؤثر فيها، والعكس صحيح، ما يجعل الحد الفاصل بين الفضاءين يكاد يكون معدومًا، والسيبرانية هي “دراسة تأثير التطور التكنولوجي في السلوك البشري”، فنجد أن شعور المرء بأن هويته مجهولة في الفضاء السيبراني يعزز لديه (عدم التحفظ)، وبالتالي عدم الشعور بالإحراج مما يقول أو يفعل، وبالتالي نحن نعيش مرحلة فريدة جدًّا في تاريخ البشرية، فانتشار الكثير من التقنيات الجديدة يؤدي إلى عمل تشويش على الأفكار، كما يترتب عليه حدوث زلازل في نمط العيش والتفكير، فأدى ذلك إلى تغيير علاقاتنا مع الآخرين، وبما أنك تستخدم هذا الفضاء السيبراني وتقتطع جزءًا من وقتك لتعيش فيه، فعليك أن تعرف بعض الأشياء للتعامل معه، وذلك من خلال فهم طبيعة السلوك البشري، وكيف يتغير سلوكنا على الهواء (أي الفضاء السيبراني).
مؤلف كتاب التأثير السِّيبراني.. كيف يغيِّر الإنترنت سلوك البشر؟
ماري آيكن Mary Aiken: خبيرة عالمية أيرلندية في علم النفس السيبراني الذي يختص بدراسة تأثير التكنولوجيا في السلوك البشري، وهي أستاذة في علم النفس السيبراني الجنائي في جامعة شرق لندن، وأستاذة مساعدة في يونيفيرسيتي كوليدج دبلن بأيرلندا.
كما أنها عضو في مجموعة الإنتربول العالمية لخبراء الجرائم الإلكترونية، ومستشار أكاديمي للمركز الأوروبي للجرائم الإلكترونية التابع لليوروبول، وهي زميلة في الجمعية الملكية للطب، وزميلة عالمية في مركز ويلسون بواشنطن العاصمة، وعضو في جمعية Medico-Legal، وعضو منتسب دولي في الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA) وزميلة جمعية محترفي تكنولوجيا المعلومات المعتمدين.
لها مجموعة من الكتب، ترجم منها إلى اللغة العربية:
كتاب “التأثير السيبراني.. كيف يؤثر الإنترنت في سلوك البشر؟”.
وباللغة الإنجليزية كتب منها:
Life in Cyberspace.
CyberPsyched.
معلومات عن المترجم:
مصطفى ناصر: مترجم عراقي حاصل على البكالوريوس من كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية في جامعة البصرة، ونال جائزة الدولة للإبداع العراقي في حقل الترجمة عام 2019، له عدة كتب مترجمة، منها:
ما المعرفة؟
الأثر.. كيف يؤثر القانون في السلوك؟
الهجرة.. كيف تؤثر في عالمنا؟
التأثير السيبراني.. كيف يؤثر الإنترنت في سلوك البشر؟