السيبرانية وعدم التحفظ
السيبرانية وعدم التحفظ
تعد الإنترنت أكثر الاختراعات التي أثرت وما تزال تؤثر في السلوك البشري، فلا ينبغي أن تكون خبيرًا أو متخصصًا، حتى تلاحظ أن كل ما هو غريب وشاذ في الفضاء السيبراني أصبح يدفع الناس إلى المغامرة وخوض التجارب، إذ إن أكثر الأوهام التي يصدرها الفضاء السيبراني أنك في أمان مقارنةً بالحياة الواقعية، وأن تواصلك مع الناس على الفضاء السيبراني أقل خطرًا من الحياة الواقعية، لغياب تعبيرات الوجه، ولغة الجسد، والفضاء المادي، إلى جانب بُعد المسافة، فيوحي هذا الغياب للمرء بأن هويته مجهولة، وأنه غير مرئي، فبالتالي يشعر بالشجاعة والجسارة، وعدم الإحراج، والتحرر من القيود، لعدم وجود أي رادع أخلاقي، فيتخلى بذلك عن التزماته وكل ما يكبح تصرفاته على باب العالم السيبراني قبل أن يلج إليه.
وهذا يسمى بتأثير (عدم التحفظ والتصعيد في العالم السيبراني)، إذ يتضخم السلوك فيتقبل الإنسان أن يتلقى إيميلات ورسائل تحتوي بذاءات وصورًا فاضحة، أو نصوصًا وآراء متطرفة وعدوانية، كما يمكن أن يتقبل أي سلوكيات ومعايير جديدة وشاذة بسبب تأثير عدم التحفظ والهوية المجهولة، كما نلاحظ أن مستويات الإثارة والتعاطف لدى المرء تتضاعف بشكل كبير عما هي في الواقع، فنجد أن الناس على الإنترنت أكثر كرمًا وعطاءً مما لو كانوا وجهًا لوجه، بل ويشعر المرء أن بإمكانه الوثوق في الموجودين في العالم السيبراني، ويميل إلى الشعور بالأمان في حديثه معهم، فيبوح لهم بحياته الخاصة بأدق تفاصيلها!
الفكرة من كتاب التأثير السِّيبراني.. كيف يغيِّر الإنترنت سلوك البشر؟
تشهد حياة البشر تغيرات كبيرة بفعل تأثير الفضاء السيبراني -الإلكتروني- في السلوك البشري، نعم، إن الحياة الواقعية تتميَّز عن الفضاء السيبراني، لكن هناك كثيرًا من المعايير الجديدة المستحدثة والناشئة في الفضاء السيبراني تهاجر منه إلى حياتنا الواقعية وتؤثر فيها، والعكس صحيح، ما يجعل الحد الفاصل بين الفضاءين يكاد يكون معدومًا، والسيبرانية هي “دراسة تأثير التطور التكنولوجي في السلوك البشري”، فنجد أن شعور المرء بأن هويته مجهولة في الفضاء السيبراني يعزز لديه (عدم التحفظ)، وبالتالي عدم الشعور بالإحراج مما يقول أو يفعل، وبالتالي نحن نعيش مرحلة فريدة جدًّا في تاريخ البشرية، فانتشار الكثير من التقنيات الجديدة يؤدي إلى عمل تشويش على الأفكار، كما يترتب عليه حدوث زلازل في نمط العيش والتفكير، فأدى ذلك إلى تغيير علاقاتنا مع الآخرين، وبما أنك تستخدم هذا الفضاء السيبراني وتقتطع جزءًا من وقتك لتعيش فيه، فعليك أن تعرف بعض الأشياء للتعامل معه، وذلك من خلال فهم طبيعة السلوك البشري، وكيف يتغير سلوكنا على الهواء (أي الفضاء السيبراني).
مؤلف كتاب التأثير السِّيبراني.. كيف يغيِّر الإنترنت سلوك البشر؟
ماري آيكن Mary Aiken: خبيرة عالمية أيرلندية في علم النفس السيبراني الذي يختص بدراسة تأثير التكنولوجيا في السلوك البشري، وهي أستاذة في علم النفس السيبراني الجنائي في جامعة شرق لندن، وأستاذة مساعدة في يونيفيرسيتي كوليدج دبلن بأيرلندا.
كما أنها عضو في مجموعة الإنتربول العالمية لخبراء الجرائم الإلكترونية، ومستشار أكاديمي للمركز الأوروبي للجرائم الإلكترونية التابع لليوروبول، وهي زميلة في الجمعية الملكية للطب، وزميلة عالمية في مركز ويلسون بواشنطن العاصمة، وعضو في جمعية Medico-Legal، وعضو منتسب دولي في الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA) وزميلة جمعية محترفي تكنولوجيا المعلومات المعتمدين.
لها مجموعة من الكتب، ترجم منها إلى اللغة العربية:
كتاب “التأثير السيبراني.. كيف يؤثر الإنترنت في سلوك البشر؟”.
وباللغة الإنجليزية كتب منها:
Life in Cyberspace.
CyberPsyched.
معلومات عن المترجم:
مصطفى ناصر: مترجم عراقي حاصل على البكالوريوس من كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية في جامعة البصرة، ونال جائزة الدولة للإبداع العراقي في حقل الترجمة عام 2019، له عدة كتب مترجمة، منها:
ما المعرفة؟
الأثر.. كيف يؤثر القانون في السلوك؟
الهجرة.. كيف تؤثر في عالمنا؟
التأثير السيبراني.. كيف يؤثر الإنترنت في سلوك البشر؟