فَرَضِيَّة البحث
فَرَضِيَّة البحث
تُعرَّف الفرضية بأنها “احتمال مرتبط بشروط معينة، يحل مشكلة أو يفسر ظاهرة؛ بالكشف عن علاقة بين متغيِّرين أو أكثر، يتم البحث عن صحتها من عدمها”، يعني ذلك أن الباحث بعد صياغة إشكاليته، وقبل أن يبدأ في البحث الفعلي، يطرح تفسيرًا معينًا لحل هذه الإشكالية، وهذا التفسير مركب من متغيرين أساسيين، وتكون عملية البحث هي محاولة إثبات الفرضية أو نفيها؛ فإذا ثبتت كانت هي تفسير الظاهرة محل الدراسة، وإذا تم نفيها فإنها تزيح من تصورات الباحثين حلًّا كان يُعتقَد صحتُه.
إن الفرضية ليست مجرد تخمينات عشوائية يطرحها الباحث ثم يعمل عليها، إنما تعتمد على معطيات ومقاييس تتصل بالقضية المطروحة واختصاص الباحث، كما أنها تحمل قيمة إبداعية تدلُّ على فطنة الكاتب ومدى إلمامه بالمجالات المتعلقة بإشكالية البحث، وإلى أي حد تعمَّق الباحث في فهم إشكالية البحث، كما أن الفرضية تكون بمثابة عقد لازم للباحث طوال العملية البحثية، ويجب أن يكون الباحث حياديًّا تجاه فرضيته؛ فلا يقع في حبها متغافلًا الحقيقة أيًّا ما كانت.
هناك نوعان رئيسان للفرضية: الأول هو “الفرضية المباشرة”؛ وهي التي تثبت علاقة ما بين عناصر الظاهرة المدروسة، وإما أن تحدد نوعية هذه العلاقة فتكون “فرضية متجهة”، أو تثبت وجود علاقة دون أن تحدد نوعها فتكون “فرضية غير متجهة”، والنوع الثاني من الفرضية هو “الفرضية الصفرية” التي تنفي العلاقة بين العناصر، وتستخدم في نقد الأخطاء الشائعة؛ ويكون نفي الفرضية في حد ذاته نتيجة علمية.
يجب أن يراعي الباحث عند صياغة الفرضية انسجامها مع الحقائق المعروفة قبلًا؛ فلا يأتي بما يخالف المعهود من العلم وبخاصةٍ إذا كانت فرضية من إبداعه، وأن تكون تلك الفرضية قابلة للقياس والتحقق من صحتها، وأن تتضمن طبيعة العلاقة المتوقعة بين عناصرها سواء بالإثبات أو بالنفي، وأن تكون الفرضية في صيغة تقريرية وفي أوجز عبارة ممكنة.
الفكرة من كتاب المدخل إلى منهجية البحث وفن الكتابة مع تطبيقات في العلوم الشرعية
البحث العلمي الصحيح هو معيار تقدم الأمم في مختلف المجالات، به تنتظم شؤون الناس وتُحفَظ مصالحهم، شريطة أن يكون البحث العلمي نفسه منضبطًا بأصول وقواعد تحفظه من الزلل والانحراف، تلك الأصول تُعرف باسم “المنهجية العلمية”، ثم تتكامل هذه المنهجية مع مَلَكة الكتابة البحثية التي تشكِّل جسر العبور بين عالم أفكار الباحث والقراء، ومتى ما تكامل للباحث امتلاك منهجية التفكير والكتابة الفعالة صار قادرًا على الإبداع في اختصاصه وإحداث تأثير مشهود.
هذا الكتاب يقدم الأصول التي لا غنى عنها لأي باحث في حقل الدراسات الإنسانية ليضع قدمه على بداية طريق البحث العلمي الرصين.
مؤلف كتاب المدخل إلى منهجية البحث وفن الكتابة مع تطبيقات في العلوم الشرعية
الدكتور عبد الرحمن حللي: كاتب وأستاذ جامعي سوري مقيم في ألمانيا، حاصل على الدكتوراه في علوم القرآن من جامعة الزيتونة 2004، وهو أستاذ مشارك في الدراسات الإسلامية بجامعة حلب – سوريا، وهو باحث زائر في جامعة برلين الحرة، تركز اهتماماته البحثية على الدراسات القرآنية، والتعليم الديني، والفكر الإسلامي المعاصر.