حروب التكنولوجيا والملكية الفكرية
حروب التكنولوجيا والملكية الفكرية
إن أحد الأسلحة الفتَّاكة التي يستخدمها الغرب ضد بقية العالم هي “الملكية الفكرية”، إذ تم تحويل الإرث العام للإنسانية كالمعرفة الطبيَّة وبذور الغذاء إلى ملكية فكرية تباع وتشترى في ظل النظام الرأسمالي، كما يمكن القول إن الدول الصناعية في الشمال تحاول على نحو منظَّم إفشال أي جهود تبذلها دول الجنوب حتى لا تصبح دولًا مصنِّعة، وقد نجحت الشركات الكبرى في خصخصة المعرفة، واستخدامها في زيادة أرباحها على حساب حياة الناس! فالشركات الغربية التي استقت هذه المعرفة من بلدان الجنوب، ادَّعت أن هذه المعرفة ملكية خاصة لها، وأن استخدامها دون دفع عوائد كبيرة لمالكيها يشكِّل عملًا من أعمال القرصنة، وتستمر الحرب بين الجنوب والشمال حول الملكية الفكرية التي تسبَّبت في موت ملايين الناس في بلدان الجنوب الذين لا يستطيعون الحصول على الأدوية المسجلة بصفتها براءات اختراع!
إن تسليع المعرفة هي ظاهرة حديثة، وتحويلها إلى ملكية خاصة هو نتاج ظهور الرأسمالية في أوروبا قبل خمسمائة عام، إلا أن المعرفة لم تخصص فعليًّا حتى إنشاء منظمة الملكية الفكرية العالمية عام 1967م، واحتاج الأمر هذا الوقت الطويل، بسبب أن البلدان الصناعية كانت تستعير ابتكارات بعضها وتنسخها، بل وتسرقها، لأنها كان مشغولة بنفسها، ولم تشعر هذه البلدان بأهمية الملكية الفكرية إلا خلال السنوات المائة الأخيرة، وذلك عندما بدأت البلدان النامية بتحدِّيها، فأخذت بلدان الشمال تبني الأسوار الحمائية حول الملكية الفكرية! وادَّعوا أنهم يمتلكون حصريًّا الابتكارات والتكنولوجيا التي مهروها بطابعهم الفكري، ونسوا أن العِلم الأوروبي بُني على ما توصَّل إليه المصريون القدماء، والهنود، والصينيون، والإغريق، والعلماء المسلمون، وكان الأوروبيون بين قرابة (500م: 1100م) يعيشون انتكاسة وصفت بأنها حقبة (العصور المظلمة)، ولم تأتِ حقبة التنوير الأوروبي، إلا بعد تحرُّر العلوم من العقيدة الدينية، وتأثير بالعلوم الإسلامية فيهم، إلا أننا في أيامنا هذه بسبب العنصرية، والخوف من الإسلام، حُجب هذا الجزء من التاريخ عن الأجيال الحديثة، إذ يعتقد الشباب الأوروبي أن جميع العلوم الحديثة ابتكرها الغرب، وإن كان الشمال هو المنتج للمعرفة، وبالتالي له الحق في امتلاكها، وعلى الجنوب أن يستهلك، هذا ما يقف خلف الأنانية والغطرسة الأوروبيتين!
إن أسطورة الملكية الفكرية التي ابتدعها الغرب تشكِّل عائقًا رئيسًا أمام تطوير العلوم والصناعة في بلدان الجنوب، إذ إن نظام الملكية الفكرية، وخصخصة المعرفة هو نظام غير مبرر وغير صحيح، إذ يحبط قدرة بلدان الجنوب على التصنيع، بسبب ملكية الدول المتقدمة لقرابة (95%) من براءات الاختراع!
الفكرة من كتاب التجارة حرب.. حرب الغرب على العالم
يحلِّل الكاتب في هذا الكتاب أحد الأسلحة الرئيسة التي تستخدمها القوى الغربية لاستغلال شعوب “جنوب العالم” واستعبادها، وبخاصةٍ الشعوب الأفريقية، وهذا السلاح هو “التجارة الدولية”، ويبحث كذلك في نضال بلدان الجنوب، ومقاومتهم بشأن مُختلَف نواحي التجارة الدولية، فعلى سبيل المثال: نجد أن أسلوب الاتحاد الأوروبي في التفاوض مع هذه البلدان يرقى إلى الابتزاز، فعليك أن توقِّع على الاتفاقيات التي تحقق أهدافهم وإلا سيوقفون المعونات الاقتصادية التي تتلقَّاها منهم! وقد استطاع “ياش تاندون” -بعبقريته التحليلية والتفاوضية إلى جانب قدرته على الإقناع- التصدي لكثير من الضغط، وكشف ابتزاز الاتحاد الأوروبي لدول الجنوب، لذلك يعد هذا الكتاب دليلًا للقتال والنضال ضد النظام الوحشي الذي يهيمن على العالم هذه الأيام.
مؤلف كتاب التجارة حرب.. حرب الغرب على العالم
ياش تاندون : هو مفكر وكاتب مقالات، ومؤلف، ومناضل، وناشط سياسي (أوغندي)، حصل على بكالوريوس الاقتصاد من كلية لندن للاقتصاد عام (1961)، وحصل على الدكتوراه في العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد عام (1969)، لها مؤلفات عديدة منها:
In Defence of Democracy.
Daring to Think Differently: Development and Globalisation
معلومات عن المترجم:
عبد الجليل محمد مصطفى: مترجم، ترجم عددًا من الكتب منها:
فوربس: أعظم قصص الأعمال على مر العصور.
المرجع في تربية الموهوبين للمرحلة الثانوية.