حرب التجارة
حرب التجارة
إن كلمة (حرب) ليست حربًا بالمعنى العادي التي تعتمد على القنابل والطائرات والدبابات، بل المقصود بأن التجارة حرب، هو أن الحقبة (الرأسمالية – الاستعمارية) تقتل من الناس كما تقتل أسلحة الدمار الشامل والقنابل، إنها تقتل الناس لأنها تؤدي بهم إلى الفقر، فهي تخلق ثراءً في ناحية، وفقرًا في ناحية أخرى، تجعل مؤسسات الغذاء في غنى فاحش على حساب تهميش الفلاحين وإفقارهم، ليصبحوا بعد ذلك لاجئين اقتصاديين في أوطانهم! وإذا كان هؤلاء الفلاحون قادرين من الناحية البدنية، فإنهم يحاولون مغادرة بلدانهم للبحث عن عمل في بلاد الغرب الغنية، عبر البحر المتوسط من أفريقيا إلى أوروبا، وعبر الحدود المكسيكية إلى أمريكا، وعبر البحار من جنوب آسيا إلى أستراليا.
أنشئت منظمة التجارة العالمية في الأوَّل من يناير عام 1995م، وصُمِّمت بهدف خدمة الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، واليابان على حساب بقيَّة العالم، وأدوات الهيمنة التي اعتمدت عليها هي: (المساعدات، والتجارة، والاستثمار، والتكنولوجيا)، فأوروبا تنخرط في مفاوضات تجارية مع أفريقيا، وهذا بحد ذاته عمل من أعمال الحرب لأن الطريقة التي يستخدمها الاتحاد الأوروبي في فرض (اتفاقيات الشراكة الاقتصادية) على بلدان أفريقيا والكاريبي والباسيفيك، تعتمد على إضعاف تلك البلدان بسبب اعتمادها على ما يسمَّى “مساعدات التنمية”، وغالبًا ما تكون تلك البلدان مستعدة لتوقيع هذه الاتفاقيات غير المتوازنة وغير المنصفة، فأفريقيا لم تكن حاضرة في الاجتماع الوزاري في سنغافورة، الذي ضمَّ القوى العالمية الكبرى إلى جانب عدد قليل من دول الجنوب المختارة من دول الشمال، ورغم عدم حضور أفريقيا هذا الاجتماع، فإنها كانت مضطرة إلى قبول ما أطلق عليه “قضايا سنغافورة” التي اتفق عليها من وراء ظهورهم بوصف تلك القضايا جزءًا من جدول أعمال منظمة التجارة العالمية، ومنذ 1996 إلى اليوم، وأفريقيا تقاتل من أجل رفع الضرر الذي وقع عليها في سنغافورة!
إن المثير للدهشة أنه رغم عقود الكفاح من أجل الاستقلال، فإن معظم القادة الأفارقة ما زالت لديهم ثقة لا تصدق في مستشاريهم الأوروبيين، نتيجة افتراض ضمني أنه بعد أن انتهت الحروب ضد الاستعمار، يمكن الوثوق بالأوروبيين لرعاية المصالح الأفريقية، نتيجة الاعتقاد الساذج بأن الأسياد المستعمرين السابقين أدركوا أخطاءهم وذنوبهم السابقة، ما يؤدي إلى الوثوق بهم في التعامل مع أفريقيا في الشأن التجاري! إلى جانب أن هؤلاء القادة يخافون من فرض العقوبات فتمنع أوروبا (المساعدات التنموية) عن بلدانهم.
الفكرة من كتاب التجارة حرب.. حرب الغرب على العالم
يحلِّل الكاتب في هذا الكتاب أحد الأسلحة الرئيسة التي تستخدمها القوى الغربية لاستغلال شعوب “جنوب العالم” واستعبادها، وبخاصةٍ الشعوب الأفريقية، وهذا السلاح هو “التجارة الدولية”، ويبحث كذلك في نضال بلدان الجنوب، ومقاومتهم بشأن مُختلَف نواحي التجارة الدولية، فعلى سبيل المثال: نجد أن أسلوب الاتحاد الأوروبي في التفاوض مع هذه البلدان يرقى إلى الابتزاز، فعليك أن توقِّع على الاتفاقيات التي تحقق أهدافهم وإلا سيوقفون المعونات الاقتصادية التي تتلقَّاها منهم! وقد استطاع “ياش تاندون” -بعبقريته التحليلية والتفاوضية إلى جانب قدرته على الإقناع- التصدي لكثير من الضغط، وكشف ابتزاز الاتحاد الأوروبي لدول الجنوب، لذلك يعد هذا الكتاب دليلًا للقتال والنضال ضد النظام الوحشي الذي يهيمن على العالم هذه الأيام.
مؤلف كتاب التجارة حرب.. حرب الغرب على العالم
ياش تاندون : هو مفكر وكاتب مقالات، ومؤلف، ومناضل، وناشط سياسي (أوغندي)، حصل على بكالوريوس الاقتصاد من كلية لندن للاقتصاد عام (1961)، وحصل على الدكتوراه في العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد عام (1969)، لها مؤلفات عديدة منها:
In Defence of Democracy.
Daring to Think Differently: Development and Globalisation
معلومات عن المترجم:
عبد الجليل محمد مصطفى: مترجم، ترجم عددًا من الكتب منها:
فوربس: أعظم قصص الأعمال على مر العصور.
المرجع في تربية الموهوبين للمرحلة الثانوية.