الأنا
نعاني جميعًا في العصر الحالي من السلطة التي يضع الإنسان فيها نفسه، والتي تصل مع بعض الأشخاص إلى درجة العُجبِ والكبر، والقائد معرَّضٌ للسقوط في هذا الفخِّ الخطير، هذا الفخ الذي يؤثر في الإنتاج الفرديِّ والجماعي للفريق ككل.
نعم يحب كل قائدٍ أن تكونَ له السيطرة والكلمة العُليا، لكنه ينسى المصلحةَ العامةَ التي تحتِّم عليه مشاركةَ الأفكار مع الآخرين، وعندما يتحدث إليه أحدٌ بالأمر يبرِّرُ سيطرتَه بأنه يفعل ما فيه مصلحة الجميع، وكأنه وصيٌّ عليهم!
كقائدٍ من الروح عليك تجاوز هذه الأنا، فانخرط مع الآخرين على نحوٍ أفضل، وكن رحيمًا بالجميع، وأَظهِرْ هدوءك وتقبُّلَك للاختلافات في وجهات النظر، ولا تكنْ أنانيًّا، هكذا تكون قائدًا ملهِمًا بحق.
من الأساليب الأخرى التي تساعدك للتغلبِ على هذه الأنا هي تقبلُك لمشاعرِك ومراعاتُك لها؛ إنكَ بشرٌ -شأنك شأن الآخرين- تفرح وتحزن وتغضب وتشعر بالتردد والارتباك، عندما تشعر بذلك لا تتردَّدْ في الاستعانة بالآخرين، سامحْ نفسَك على أخطائك واعترف ببشريَّتِك.
كذلك لا تظن أنَّه بإمكانك السيطرة على كلِّ شيءٍ حولك، فلن تستطيع إجبارَ الجميع على العمل وفقَ ما تراه أنت فقط، لكنك تستطيع إلهام الأشخاص من أجل العثور على دوافعهم وشغفِهم، وعندما يجدون الاهتمام منك تبدأ أرواحكم في التقارب، وسيحدث ما قلناه سابقًا: ستقوم روحك بجزءٍ من الفعل وتتصل بالأرواح الأخرى، عندها فقط سيعمل الجميع من أجل الرؤية التي تتطلَّع أنتَ إليها.
بقي التنبيه أن رفضَنا للأنا لا يعني رفضَنا لحبِّ الانتصار وكره الخسارة، بل هذا أمرٌ مهم ودافع أساسيٌّ لتحقيق النجاح، لكن الانتصار لا يعني أن تُعرِّضَ نفسك والآخرين للضغط والتوتر، نحن لسنا في لعبة، نحن نطمح إلى الإبداع، وأنت كقائدٍ من الروح عليك مسؤوليةُ أن يكونَ هذا الإبداعُ خاليًا من المشاحنة والهم.
الفكرة من كتاب روح القيادة
حتى وقتٍ قريبٍ لم يكن قرار «أن تصبح قائدًا» شيئًا مهمًّا بالنسبة للكثيرين، أمَّا الآن فإننا في أمسِّ الحاجة إلى القيادة، إذ إن التحكمَ في النفس والقدرةَ على التأثير في الآخرين صارا من أساسيات العصر الحالي الذي لم تعُدْ فيه القيادة مقتصرةً على الحكام والمسؤولين المباشرين فقط.
وليست القيادةُ تعني التأثير في الآخرين بالدرجة الأولى، إنما يأتي هذا بعد القدرةِ على إدارة النفسِ والتحكم في انفعالاتها والسيطرة على الأفكار السلبية وتحويلها إلى ناتجٍ إيجابي، مع فهمٍ لطبيعةِ النفس واحتياجاتها والانفتاح على الأفكار المختلفة، وإذا نجح الإنسانُ في ذلك فإنه يصير قائدًا روحيًّا يُمكنه التأثير في الآخرين، وهذا ما يهدف إليه الكتابُ تحديدًا.
مؤلف كتاب روح القيادة
ديباك شوبر: طبيب وكاتب أمريكي، وُلِد في الهند عام 1946، له باعٌ طويلٌ في عالم القيادة والتأثير.
ألَّفَ عديدَ الكتب في مجال القيادة والنجاح وإرادة الأعمال وغيرها، منها: “جسد لا يشيخ وعقل لا يحدُّه زمن”، و”القوانين الروحانية السبعة للنجاح”.
معلومات عن المترجم:
محمد ياسر حسكي: طبيب ومترجم، مهتم بالطب النفسي والعلاجي، له العديد من الأعمال المترجَمة المعروفة، منها: “اشفِ جسدك”، للويز هاي، و”رغبات محققة” لواين داير.