ماذا أحتاج؟
ماذا أحتاج؟
إن هذا السؤال ينتشر في عقول الجميع تقريبًا، لا يشترط أن يتلفَّظوا به على ألسنتهم، يكفي أن يتجهوا بعقلهم وجسدهم لتلبية هذا الاحتياج، وقد لا يستطيعون التعبير عنه أصلًا، أو يصيبهم بعض الحرج في التحدث أمام الناس عن حاجتهم تلك.
صعوبةُ الأمر تظهر عند العمل في مجموعة، فكل فردٍ من أفراد المجموعة يملكُ حاجةً معينة يريد استيفاءها، فعلى حدِّ ما توصَّل إليه عالم النفس ماسلو فإن الشخص لا ينتقل إلى حاجةٍ معينةٍ قبل استيفاء الحاجة التي قبلها، وقد رتَّب ماسلو هذه الاحتياجات في هرمٍ يُدعى “هرم ماسلو” شمل الحاجات الآتية: السلامة والأمان؛ للتغلب على التهديد والخوف، والشعور بالراحة، وكذلك الإنجاز والنجاح؛ تحقيق الأهداف الموضوعة والعمل بشغف ودافع، ثم التعاون؛ أي العمل ضمن مجموعة لها أهداف مشتركة، والرعاية والانتماء؛ الشعور بالانتماء إلى المجموعة والاهتمام من قِبَل الجميع، والإبداع والتقدم؛ القدرة على تقديم أفكار جديدة وحلول مبتكرة، ثم القيم الأخلاقية، أي مراعاة الجانب الروحي والأخلاقي وتصحيح الأخطاء، والإشباع الروحي؛ أي معرفة الذات والقدرة على الإجابة عن الأسئلة العظيمة.
القائد من الروح يتميَّز عن الناس بقدرتِه على تحديدِ حاجتِه بدقة، في ذات الوقت هو يراقب ما يحدثُ حوله، يستمع إلى الأفكار المختلفة بعناية، يهتم للتلميحات والإشارات الخفية التي يرسلها الآخرون ويفهم سياق حياة الشخص الآخر والظروف التي يمر بها دون تدخلٍ في شؤونه بفظاظة، هدفه في ذلك هو معرفة احتياج كل شخص، فلا يمكن أن تحققَ مجموعته الإنجازات المرجوة وهي تقف عاجزةً أمام تحقيق احتياجاتها.
وليس الأمر بهذه البساطة، فالأشخاص يمتلكون نفوسًا معقدةً يجب أن يتم فكُّ شفرتها حتى يتمكَّنَ القائد من التعامل مع احتياج كل شخص، وهذا يتطلَّب نوعًا من المرونةِ في التعامل مع التحولاتِ والمتطلَّبات، كما يتطلَّب أن يكون القائد مستمعًا جيدًا.
الفكرة من كتاب روح القيادة
حتى وقتٍ قريبٍ لم يكن قرار «أن تصبح قائدًا» شيئًا مهمًّا بالنسبة للكثيرين، أمَّا الآن فإننا في أمسِّ الحاجة إلى القيادة، إذ إن التحكمَ في النفس والقدرةَ على التأثير في الآخرين صارا من أساسيات العصر الحالي الذي لم تعُدْ فيه القيادة مقتصرةً على الحكام والمسؤولين المباشرين فقط.
وليست القيادةُ تعني التأثير في الآخرين بالدرجة الأولى، إنما يأتي هذا بعد القدرةِ على إدارة النفسِ والتحكم في انفعالاتها والسيطرة على الأفكار السلبية وتحويلها إلى ناتجٍ إيجابي، مع فهمٍ لطبيعةِ النفس واحتياجاتها والانفتاح على الأفكار المختلفة، وإذا نجح الإنسانُ في ذلك فإنه يصير قائدًا روحيًّا يُمكنه التأثير في الآخرين، وهذا ما يهدف إليه الكتابُ تحديدًا.
مؤلف كتاب روح القيادة
ديباك شوبر: طبيب وكاتب أمريكي، وُلِد في الهند عام 1946، له باعٌ طويلٌ في عالم القيادة والتأثير.
ألَّفَ عديدَ الكتب في مجال القيادة والنجاح وإرادة الأعمال وغيرها، منها: “جسد لا يشيخ وعقل لا يحدُّه زمن”، و”القوانين الروحانية السبعة للنجاح”.
معلومات عن المترجم:
محمد ياسر حسكي: طبيب ومترجم، مهتم بالطب النفسي والعلاجي، له العديد من الأعمال المترجَمة المعروفة، منها: “اشفِ جسدك”، للويز هاي، و”رغبات محققة” لواين داير.