منكر السنة مسرف في المثالية
منكر السنة مسرف في المثالية
مشكلة منكر السنة من الأساس ليست في نظرته السطحية والانتقائية إلى التاريخ عندما يتعلق الأمر بالسنة وحسب، إنما في نظرته المثالية المبالغ فيها إلى ما ينبغي أن يكون عليه المنهج البحثي التاريخي بشأن السنة، فهو لا يرى في السنة حدثًا تاريخيًّا يستحق كل هذا العناء والبحث والمكابدة على الرغم من أن تقييم تلك الأحداث التاريخية وفق مبادئ عقلية للتحقُّق من مدى قوة وصحة هذه الأخبار المعروضة يعدُّ منهجًا بحثيًّا ثابتًا معتمدًا ومثالًا حيًّا لإصدار أحكام تصلح أن تكون حلولًا لإشكالياته القائمة.
وهذا نجده في كتابات معظم منكري السنة أمثال “جراغ علي” عندما رفض الأحاديث جملةً وتفصيلًا قائلًا: “إن المحققين الذين جمعوا الأحاديث وميزوا بين سقيمها وصحيحها صرحوا بأن الحديث مهما قويَ سنده لا يمكن الاعتماد عليه، وما ذكر فيه غير حتمي قطعًا”، ثم يعود قائلًا: “لأن الحديث في حد ذاته لا يمكن الاعتماد عليه، ولا اعتبار لما يتحدث عنه”، وهذا نتيجة للنظرة المثالية التي نجد في كلام “الدرامي” ردًّا عليها في قوله: “لا يزيِّف مائة ألف حديث مشهورة محفوظة مأثورة عن الثقات، إذا وجد فيها مائة حديث منكرة؛ ولا يجرح ألف رجل من أهل الإتقان والحفظ في الرواية، إذا وجد فيهم عشرون رجلًا ينسبون إلى الغفلة والنسيان وقلة الإتقان”.
وهذا يوضح أن المجهود البحثي الذي قام به علماء الحديث ممكن وغير متعذِّر تاريخيًّا للتمييز بين صحيح السنة وغيرها لا كما يدعي منكرو السنة، لأن معاييرهم المثالية يرفضها المنهج القرآني من الأساس في التعامل مع المعرفة، وهذا يلزمهم إما بقبول المنهجية القرآنية وقبول السنة تبعًا، وإما برفض هذه المنهجية التي يقرُّها القرآن، وهذا يعني رفضهم للقرآن كذلك.
الفكرة من كتاب إمكان التاريخ وواقعية السنة
انطلق الشيخ عبد الله الشهري في هذا الكتاب من التعامل مع التاريخ كشرط وحجة لإمكانية تحقق المعرفة، ثم الانطلاق من هذا الشرط المعرفي لإثبات حجية السنة كظاهرة مخصوصة وضرورية من هذا التحقق التاريخي المعرفي.
كما انطلق من النظرة الكلية إلى التاريخ باستخدام العقل والواقع ودلالات القرآن لتحديد الأطر العامة التي تؤكد تحقُّق المعرفة من التاريخ من جهة، والاشتباك والتماس مع التفاصيل الجزئية التي تؤسس لقضايا هذه الأطر العامة وتثبت إمكاناتها وصحتها من جهة أخرى.
مؤلف كتاب إمكان التاريخ وواقعية السنة
الشيخ والدكتور عبد الله سعيد الشهري: سعودي الجنسية، باحث في علم الاجتماع ومهتم بالملف الفكري، وهو مؤلف ومترجم، وكان قد حصل على درجة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية من جامعة لستر، والماجستير في اللغويات التطبيقية من جامعة نوتنغهام في بريطانيا، وبكالوريوس في الشريعة من جامعة الإمام سعود الإسلامية.
إضافةً إلى اشتغاله محاضرًا، عمل مستشارًا إداريًّا في التعلم التنظيمي ومنهج تعليم اللغة الإنجليزية،
وله عدد من المؤلفات والترجمات، ومنها:
ثلاث رسائل في الإلحاد.
آفاق علمية ورؤى نقدية.
المخرج الوحيد.
كما قام بترجمة كلٍّ من كتاب “أحقًّا نريد تغييرًا مستمرًّا؟!”، وكتاب “وهم الشيطان”.