السياق التاريخي يثبت المعارف
السياق التاريخي يثبت المعارف
لا يمكن التعامل مع التاريخ على أنه مجموعة من أحداث معزولة، أو مواثيق مفرغة نكتفي برصِّها على الأرفف أو بين الأدراج مجردة من أي دلالة أو عبرة، إنما هو قصة هذا الإنسان والحكاية التي تروي معاركه وتثبت تجاربه ومعارفه، ولا يمكن الاستغناء عنه أو التملُّص من حمولاته الفكرية والمعرفية، فضلًا عن إنكارها أو حتى التفكير في القدح بها لأن هذا يلزم منه إنكار بقية المعارف والعلوم؛ ولهذا نجد كثيرًا من الفلاسفة والعلماء يقرُّون بحصول المعرفة من التاريخ، وهذا ما أكده فيلسوف التاريخ الشهير “هنري إريني” في حديثه عن حتمية التاريخ المعرفية قائلًا: “إن الإنسان الذي ينتمي إلى مجتمع ما، وإلى محيط ثقافي ما، هو تمامًا مثله مثل أي ممثل جنس بيولوجي، ابن ماضيه، كل ماضيه”.
وفي هذا المقام بالذات يعدُّ التاريخ هو العدة والمتكأ الذي يمكن الاعتماد عليه في سياق إثبات حجية السنة والرد على منكريها سمعًا وعقلًا وإمكانًا ومعالجة، إذ كان الإنسان ابن ماضيه ويشكِّل تراثه المتواتر جزءًا لا يتجزأ من تصوراته عن الوجود وخالقه؛ وبخاصةٍ عند طرح إشكالية إنكار تحقُّق المعرفة بالتاريخ أصلًا على نطاق أوسع وإنزاله على كل المعارف والعلوم وإلزامهم بادعائهم، وهذا ما يضعهم أمام خيارين لا ثالث لهما إما إثبات العلوم والمعارف الخبري منها والنظري تاريخيًّا، أو إنكارها كلها لنفس الأسباب والمآخذ التي يحتجون بها، وهذا ما يلزمهم منه حال تنكُّرهم للسنة إنكار القرآن والكتب السابقة والمعارف جميعًا واضعين أنفسهم أمام مآزق يصعب عليهم القفز عليها أو تجاهلها أو حتى المقدرة على فض إشكالاتها.
الفكرة من كتاب إمكان التاريخ وواقعية السنة
انطلق الشيخ عبد الله الشهري في هذا الكتاب من التعامل مع التاريخ كشرط وحجة لإمكانية تحقق المعرفة، ثم الانطلاق من هذا الشرط المعرفي لإثبات حجية السنة كظاهرة مخصوصة وضرورية من هذا التحقق التاريخي المعرفي.
كما انطلق من النظرة الكلية إلى التاريخ باستخدام العقل والواقع ودلالات القرآن لتحديد الأطر العامة التي تؤكد تحقُّق المعرفة من التاريخ من جهة، والاشتباك والتماس مع التفاصيل الجزئية التي تؤسس لقضايا هذه الأطر العامة وتثبت إمكاناتها وصحتها من جهة أخرى.
مؤلف كتاب إمكان التاريخ وواقعية السنة
الشيخ والدكتور عبد الله سعيد الشهري: سعودي الجنسية، باحث في علم الاجتماع ومهتم بالملف الفكري، وهو مؤلف ومترجم، وكان قد حصل على درجة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية من جامعة لستر، والماجستير في اللغويات التطبيقية من جامعة نوتنغهام في بريطانيا، وبكالوريوس في الشريعة من جامعة الإمام سعود الإسلامية.
إضافةً إلى اشتغاله محاضرًا، عمل مستشارًا إداريًّا في التعلم التنظيمي ومنهج تعليم اللغة الإنجليزية،
وله عدد من المؤلفات والترجمات، ومنها:
ثلاث رسائل في الإلحاد.
آفاق علمية ورؤى نقدية.
المخرج الوحيد.
كما قام بترجمة كلٍّ من كتاب “أحقًّا نريد تغييرًا مستمرًّا؟!”، وكتاب “وهم الشيطان”.