الفكرة: أسعِفها قبل أن تموت
الفكرة: أسعِفها قبل أن تموت
أفكارنا تخضع لسنة التغير والتحول، فالفكرة في عمرها الأول ولحظة ورودها ليست بنفس القوة أو التأثير أو القابلية للتحقيق إذا مر عليها وقت طويل ولم نقم بتطويرها أو تعديلها، ذلك لأن العديد من الأفكار مشتركة بين بني البشر، والعبرة هنا بمن سبق وطوَّر.
مسألة تطوير الأفكار قد تكون صعبة وغير محصورة الأدوات، فنحن نتعامل مع نتاج بشري تؤثر فيه عوامل كثيرة إلا أننا حين نضع أفكارنا في نطاق أوسع مثلًا بحيث نفهم كل الحيثيات والجوانب المتعلقة بها بشكل تفصيلي، ننظر إلى الفكرة وإلى النتائج التي ترتبت عليها، وإلى الواقع الذي طُبِّقت فيه الفكرة، وإلى الأسباب التي أدَّت إلى فشلها أو عدم تأثيرها بالشكل المطلوب، وحين نلم بكل الجوانب نستطيع فهم القصور الحاصل في الأفكار المطبقة، ما يساعدنا على تطويرها أو العمل على تطوير جزء منها.
الأفكار تتطوَّر بنمط تدريجي أيضًا، وكمثال على ذلك أورده الكاتب: كانوا يقولون قديمًا “تكلَّموا تُعرَفوا” فنحن نعرف الشخص وشيئًا من خباياه حين يبدأ بالتحدث والتعبير عن نفسه وأفكاره، هذه فكرة قديمة ربما، لكننا اليوم مع تقدمنا التقني والصناعي يمكن أن نوسع دلالتها لنقول مثلًا: “مِن سيارتهم تعرفونهم”، أو “مِن مساكنهم تعرفونهم”، وهكذا.
مما يساعدنا على تطوير أفكارنا أن نخرجها من عقولنا ونحرِّرها من سطوة أحبارنا وأوراقنا إلى حيز التنفيذ، أن نبدأ في أخذ الخطوات اللازمة لتطبيق تلك الفكرة، وبالتالي ستظهر لنا أوجه الخلل والقصور فيها، وأيضًا سنتبين مميزاتها وفوائدها، ومقدرتنا على تحمل رحلة التنفيذ، كما أننا سنتمكَّن من مقارنتها بأفكار أخرى مشابهة، والمقارنة كما يقول الدكتور عبد الكريم هي مصدر من أعظم مصادر تكوين الوعي البشري ومن أعظم مصادر التعليم.
من الأدوات المساعدة على تطوير الأفكار ما يُعرَف بجلسة العصف الذهني الجماعي أو الفردي، وفيه نقوم بتحفيز الدماغ على توليد أفكار جديدة أو تطوير أفكار مسبقة واضحة ومحددة، والمهم فيه أن نقوم بتوليد واقتراح أكبر عدد ممكن من الأفكار، لا يُهم في البداية مدى فاعليتها أو صلاحيتها أو أهميتها حتى، لأنها في نهاية الجلسة ستخضع كلها للتقييم والفرز، ولكن المهم الكم، والثقة في قدرتنا على الوصول إلى نتيجة إيجابية، وفي نهاية الجلسة تفرز الأفكار إلى المفيد القابل للتطبيق المباشر والمفيد غير القابل للتطبيق المباشر، وبالتالي يتأجَّل العمل به، وغير المفيد غير القابل للتطبيق فيُستبعد، والجدير بالذكر أن الشعب الياباني أكثر الشعوب مهارة في هذا الأمر.
الفكرة من كتاب تكوين المفكر: خطوات عملية
من حقك أن تفكر وتُعمِل عقلك وتكتشف الكون من حولك، لكن عليك أولًا أن تفهم نفسك وأن تفهم مرادك وأن تفهم الواقع من حولك، عليك قبل أن تقتحمه أن تعرفه، وأن تتسلَّح بالأدوات اللازمة له، فلست وحدك في أرض السباق، حولك كُثُر منهم من يفكر ومنهم من يُصلح ومنهم من يجادل ومنهم من يتأمل، وهذا الكتاب بمثابة البوابة والمقدمة التي تفتح عينيك على هذا العالم.
مؤلف كتاب تكوين المفكر: خطوات عملية
الدكتور عبد الكريم بن محمد الحسن بكَّار: أحد المؤلفين البارزين في مجال التربية والدعوة والفكر الإسلامي، كتاباته تلقى رواجًا بين جموع الشباب حيث تتمتَّع بالسهولة والشمولية في الطرح، قدَّم برنامجًا تلفزيونيًّا بعنوان “دروب النهضة”، وبرنامجين إذاعيين أحدهما بعنوان “بناء العقل في القرآن الكريم”، وآخر بعنوان “العلاقات الإنسانية في المجتمع الإسلامي”، وله العديد من المؤلفات في مختلف المجالات ومنها:
العيش في الزمان الصعب.
مسار الأسرة.
من أجل انطلاقة حضارية شاملة.