من المفكر؟
على الرغم من صعوبة وضع حدود فاصلة بين المدلولات وصياغة تعريفات منضبطة فإننا سنحاول تقريب الصورة لعدة نماذج يخلط الناس في فهم دورها ودائرة عملها، ألا وهي: المتخصِّص، والعالم، والداعية، والمصلح، والمثقف، والفيلسوف؛ لنصل إلى معرفة ماهية المفكر وطبيعة عمله وأوجه الاتفاق والاختلاف بينه وبينهم.
باختصار: المتخصص قد اختار علمًا وتخصَّص في دراسته دراسة تفصيلية ملمًّا بجميع جوانبه، أما العالم فقد تخطَّى مرحلة التخصُّص لأن يصبح هو الأعلم بمسائل هذا العلم وخباياه، والمصلح له من اسمه نصيب، فهو يملك أفكارًا تهدف إلى إصلاح جوانب مختلفة، أما الداعية فسمته الأبرز الحركة في المجتمع يبشر وينذر ويبلغ ويذكر، أما المثقف مَن جاوز اهتمامه دائرة تخصصه فأصبح يقرأ ويطالع موضوعات وقضايا أخرى رغبةً في نقد وتغيير الواقع، وإذا كان المصلح يملك أفكارًا إصلاحية فإن الفيلسوف هو من ينتجها، وإذا كان العالِم يحاول حل المشكلات فإن الفيلسوف بما يطرحه من أسئلة وما يقوم بتغييره من مفاهيم يعمل على توليد المشكلات، إضافةً إلى أنه منشغل بالقضايا الكلية والأسئلة الكبرى بخلاف العالِم، من هو المفكر إذًا؟
المفكر كما عرَّفه الكاتب يتردَّد بين صناعة المفاهيم وبلورة الرؤى واستخلاص العبر وكشف السنن وبين إصلاح الواقع وتشخيص الأزمات التي يعانيها الناس، وهو في منزلة بين الفيلسوف والمثقف، وحيث نجد العالِم بناءً على طبيعة وضعه يقف على أرض صلبة فيما يصل إليه، ذلك لأنه يبحث في جزئيات العلم ومن السهل الاستدلال والوصول إلى ما يبحث عنه، نجد المفكر يُعمل فكره ويشعل نقده ويستثير أسئلته التي قد لا يجد لها في معظم الأحيان أرضًا تقف عليها.
ما الذي يميِّز المفكر عن غيره، وما الذي يجعلنا نطلق هذا الوصف على شخص دون آخر، على الرغم من أن جميع الناس يفكرون!
هذه صفات اجتهادية من الكاتب يرى أنها تميز المفكر عن غيره، وهي حبه للمعرفة واحتفاؤه بالجديد، وهما بمثابة الوقود المحرك له لإنتاج المزيد من المفاهيم وفهم العديد من السنن، والثانية هي أن مجال عمل المفكرين واسع جدًّا، لذا تتعدَّد الرؤى وتختلف وجهات النظر بناء على زاوية الرؤية ومخزون المفاهيم والأفكار الذي لدى كل واحد والمصادر التي ينهل منها وهذا الاختلاف هو اختلاف مثرٍ، وكذلك يتمتع بمرونة الانتقال من المسائل الجزئية إلى الكلية والعكس مخالفًا في ذلك العالم كما ذكرنا، فهو ينظر إلى الصورة كاملة ثم يحلِّل جزئياتها، ويحاول فهم كل جزء مستقلًّا وفهم تأثير كل جزء في الصورة كاملة.
الفكرة من كتاب تكوين المفكر: خطوات عملية
من حقك أن تفكر وتُعمِل عقلك وتكتشف الكون من حولك، لكن عليك أولًا أن تفهم نفسك وأن تفهم مرادك وأن تفهم الواقع من حولك، عليك قبل أن تقتحمه أن تعرفه، وأن تتسلَّح بالأدوات اللازمة له، فلست وحدك في أرض السباق، حولك كُثُر منهم من يفكر ومنهم من يُصلح ومنهم من يجادل ومنهم من يتأمل، وهذا الكتاب بمثابة البوابة والمقدمة التي تفتح عينيك على هذا العالم.
مؤلف كتاب تكوين المفكر: خطوات عملية
الدكتور عبد الكريم بن محمد الحسن بكَّار: أحد المؤلفين البارزين في مجال التربية والدعوة والفكر الإسلامي، كتاباته تلقى رواجًا بين جموع الشباب حيث تتمتَّع بالسهولة والشمولية في الطرح، قدَّم برنامجًا تلفزيونيًّا بعنوان “دروب النهضة”، وبرنامجين إذاعيين أحدهما بعنوان “بناء العقل في القرآن الكريم”، وآخر بعنوان “العلاقات الإنسانية في المجتمع الإسلامي”، وله العديد من المؤلفات في مختلف المجالات ومنها:
العيش في الزمان الصعب.
مسار الأسرة.
من أجل انطلاقة حضارية شاملة.