نافذة على العالم
نافذة على العالم
التلفزيون قد يكون سلاحًا مانعًا للأطفال من اكتساب خبرات الحياة وممارسة طفولتهم، وقد يكون هو نافذتهم على العالم، ويتعرفون فيه على المدن والجمال، ويكتسبون الثقافات المختلفة ويرون الواقع حتى لو لم يكن بالدقة الكافية، وكل ذلك يعتمد بالطبع على الدقة في اختيار المحتوى المعروض للأطفال، إذ إن محدودية خبرة الإنسان تعتمد دائمًا على كمِّ المدخلات التي يستقبلها، وكذلك الطفل إذا كنت تسعى بالفعل لتربية ابنك على مدخلات متنوِّعة ثقافية وعلمية وحياتية، فعليك أيضًا أن تنوِّع في آلية هذه المدخلات بين ممارسته لحياته والقراءة واللعب ومشاهدة التلفزيون بقدر معين، كل المعروض على الشاشة يجب على الوالدين مناقشتهم فيه، فهو يساعدهم على تنقية ما يشاهدونه ويستقبلونه بإدراك يجعلهم يتعلَّمون كيف يصدرون أحكامًا وتشكيل آرائهم، إذ إن إمكانيات التلفزيون تشبه إمكانيات الكتب لكن بآليات مختلفة وطرق أكثر توسعًا وتفتحًا، فإن تعليمك لابنك الاستخدام الجيد للتلفزيون يشبه تعليمك إياه القراءة والكتابة، وهذا دور مهم أيضًا تشارك فيه المدرسة الوالدين من خلال تثقيف الأطفال وتعليمهم استخدام التلفزيون في الدراسة، وذلك يساعد على تنوُّع طرق التدريس لمواكبة عصر التلفزيون والتكنولوجيا المُتقدمة.
ويجب على المؤسسة التعليمية دعم فكرة التعليم من خلال التلفزيون وتطويره، فإذا عُدنا إلى الخلف بكل مواطن سنجد أنه اكتسب كثيرًا من معرفته وثقافته من خلال التلفزيون، لذا علينا استغلال الجانب الجيد من التلفزيون لخدمة أهداف مهمة مثل التعليم والثقافة وتربية أطفالنا، كما يجب نشر ثقافة نقد المحتوى المعروض بين المجتمع لكي يتم تنقية المفيد مما يُعرض، ولا يجب النظر إلى التعليم والتلفزيون بأنه السبب الوحيد الأسمى للثقافة والتعلم، فالقراءة عامل مفيد كثيرًا، والفارق أن التلفزيون هو موسع للخبرات الإنسانية والحياتية، ومزوِّد للمعلومات وترسيخها بآلية مختلفة، ولذا علينا أن نحل مشاكل التلفزيون واستخدامه بطريقة نافعة وليس تركه هكذا بشكل سلبي حتى لا يتحول إلى عامل مُدمر في المجتمع، وكما يقول الكاتب “إن حياة أطفالنا سوف تتحول أو تُدمَّر عن طريق الكيفية التي يستخدمون بها التلفزيون، أو عن طريق الكيفية التي يستخدمها التلفزيون بها”.
الفكرة من كتاب التلفزيون وتربية الأطفال
يضعنا الكاتب أمام عدة أسئلة مهمة في تنشئة أطفالنا من خلال التلفزيون والفيديو، مُتسائلًا باستنكار: هل ستترك طفلك يتربَّى من خلال التلفاز؟ هل معدل الوقت الشاسع الذي يقضيه أمامه لا ينبهك لخطر ما؟ التلفزيون دائمًا عند الوالدين والمعلمين هو المسؤول الأول عن التدنِّي في الدراسة والتعليم للطفل لكنه في الحقيقة ليس كذلك، بل هو ترك المسؤولية الكاملة للتلفاز أو الفيديو لكي يُعلم ويرشد الطفل وأنه مصدر تلقٍّ عنده، فلا ينفك الطفل في التقليد والتأثر بالتلفزيون والفيديو، فالمعلم لديه مسؤولية تربوية وتعليمية تجاه طُلابه، والوالدان لديهما مسؤولية تربوية لأطفالهما، لذا لا يقع خطأ التنشئة فقط على الأجهزة، بل هي عوامل مساعدة ولها جانب نافع أيضًا لن ننكره، فعلينا دائمًا أن نتعامل مع التكنولوجيا الحديثة على أنها ليست المدمر الأول الكامل للمجتمع، لكنها سلاح ذو حدين، وعلينا تعلم كيفية التعامل معها.
مؤلف كتاب التلفزيون وتربية الأطفال
الدكتور ديفيد إنجلاند: هو أستاذ المناهج في جامعة ولاية لويزيانا، واشتهرت بحوثه العلمية ومقالاته الهادفة في مجال الأطفال والتلفزيون، وعمل مستشارًا في مجال الأطفال والتلفزيون لكثير من الهيئات والمؤسسات، وهو عضو في المجلس الوطني الأمريكي الخاص بوسائل الاتصال والإعلام، وعمل مستشارًا للعديد من الجهات المهتمة بالتربية والأطفال، وله إسهامات في مجال تخصُّصه العام، وهو تدريس اللغة الإنجليزية عن طريق القيام بنشاطات ومعسكرات للأطفال.
معلومات عن المترجم:
الدكتور محمد عبد العليم مرسي: هو أستاذ التربية، بقسم التربية، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية بالرياض، وله عدة مؤلفات منها: “التربية ومشكلات المجتمع في دول الخليج العربية”، و”المعلم والمناهج وطرق التدريس”، وله عدة ترجمات منها: “التربية في ألمانيا الغربية، نزوع نحو التفوق والامتياز” لكاتبيه باربارا لينجنز، وهانز ج لينجنز، و”التربية في اليابان المعاصرة” لكاتبه إدوارد ر. بوشامب.