فهم ثقافة التلفزيون
فهم ثقافة التلفزيون
الطريقة التي ننظر بها إلى الأشياء هي التي تحدد طريقة تعاملك معها، وكذلك طريقة فهمنا ثقافة التلفزيون تحدد لنا طريقة تعاملنا معها، وأيضًا تجعل التعامل مع تحدياته أكثر سهولة، لكننا نميل بطبعنا إلى الحكم العام على الشيء دون التفكير الناقد فيه والنظر إليه بشمولية أكثر، وقد سادَ بين الناس فكرة أن التلفزيون لا يعرض أي شيء جيد وذلك قلَّلَ فكرة البحث عند الإنسان عن برامج جيدة تُعرض على التلفزيون من الممكن الاستفادة منها وتربية أطفالنا من خلالها، فيجب النظر بشمولية مُنصفة إلى التلفزيون، فكما يعرض برامج ومسلسلات وأفلامًا تافهة، فهو يعرض برامج صحية وتعليمية وتثقيفية مفيدة، وكما يقول الكاتب: “إننا ينبغي أن نعترف بأن هذه الوسيلة التي تغرق حياتنا بالتفاهات والأمور الهزيلة هي ذاتها التي توحِّد بيننا خلال الأحداث التاريخية الدرامية التي نمر بها في هذه الأيام، كما حدث أن رأينا رجلًا منا يطأ بقدميه سطح القمر، وكما عشنا لحظات الحزن العميق ونحن نشاهد جنازة قائد اغتيل في ريعان شبابه، وكذلك شاركنا -من خلال التلفزيون- أمة أخرى أفراحها وهي تحتفل بزواج ملكي لأميرها”، لذا تقع مسؤولية التوازن التربوي أمام التلفزيون على الوالدين والمعلمين.
وهناك عدة اعتبارات تجعلنا لا نميل إلى استخدام جيد للتلفزيون، منها أن هناك أجيالًا كاملة نشأت على فكرة التلقي من خلال القراءة، والقُراء لهم منزلة عُليا في التعلم واكتساب الثقافة مما يجعلهم أكثر تميزًّا، لذا فمشاهدة التلفزيون كانت فكرة مناقضة، ما جعلنا ننفيها عنا، كما أننا نرى مشاهدي التلفزيون غالبهم من العامة وليسوا أناسًا يشبهون توقعاتنا العالية، وقد يعرض فقرات ضعيفة بعض الشيء لأجلهم، لذا نهمله لأنه متاح للجميع دون استثناء أو تميز، لذا يجب إلقاء نظرة ناقدة على التلفزيون وحيادية في الوقت نفسه، وليس لأن ثقافة مجتمعنا استخدمت التلفزيون للتسلية لأنه وجد من الأساس، لذلك فعلينا الرجوع إلى فهم ثقافته، ولا ينبغي رفض مناقشة موضوع التلفزيون بين المثقفين والتربويين والأهالي لأجل أطفالهم لأن هذا يحدِّد وجهة نظرنا تجاه استخدامه بطريقة أكثر نفعًا.
الفكرة من كتاب التلفزيون وتربية الأطفال
يضعنا الكاتب أمام عدة أسئلة مهمة في تنشئة أطفالنا من خلال التلفزيون والفيديو، مُتسائلًا باستنكار: هل ستترك طفلك يتربَّى من خلال التلفاز؟ هل معدل الوقت الشاسع الذي يقضيه أمامه لا ينبهك لخطر ما؟ التلفزيون دائمًا عند الوالدين والمعلمين هو المسؤول الأول عن التدنِّي في الدراسة والتعليم للطفل لكنه في الحقيقة ليس كذلك، بل هو ترك المسؤولية الكاملة للتلفاز أو الفيديو لكي يُعلم ويرشد الطفل وأنه مصدر تلقٍّ عنده، فلا ينفك الطفل في التقليد والتأثر بالتلفزيون والفيديو، فالمعلم لديه مسؤولية تربوية وتعليمية تجاه طُلابه، والوالدان لديهما مسؤولية تربوية لأطفالهما، لذا لا يقع خطأ التنشئة فقط على الأجهزة، بل هي عوامل مساعدة ولها جانب نافع أيضًا لن ننكره، فعلينا دائمًا أن نتعامل مع التكنولوجيا الحديثة على أنها ليست المدمر الأول الكامل للمجتمع، لكنها سلاح ذو حدين، وعلينا تعلم كيفية التعامل معها.
مؤلف كتاب التلفزيون وتربية الأطفال
الدكتور ديفيد إنجلاند: هو أستاذ المناهج في جامعة ولاية لويزيانا، واشتهرت بحوثه العلمية ومقالاته الهادفة في مجال الأطفال والتلفزيون، وعمل مستشارًا في مجال الأطفال والتلفزيون لكثير من الهيئات والمؤسسات، وهو عضو في المجلس الوطني الأمريكي الخاص بوسائل الاتصال والإعلام، وعمل مستشارًا للعديد من الجهات المهتمة بالتربية والأطفال، وله إسهامات في مجال تخصُّصه العام، وهو تدريس اللغة الإنجليزية عن طريق القيام بنشاطات ومعسكرات للأطفال.
معلومات عن المترجم:
الدكتور محمد عبد العليم مرسي: هو أستاذ التربية، بقسم التربية، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية بالرياض، وله عدة مؤلفات منها: “التربية ومشكلات المجتمع في دول الخليج العربية”، و”المعلم والمناهج وطرق التدريس”، وله عدة ترجمات منها: “التربية في ألمانيا الغربية، نزوع نحو التفوق والامتياز” لكاتبيه باربارا لينجنز، وهانز ج لينجنز، و”التربية في اليابان المعاصرة” لكاتبه إدوارد ر. بوشامب.