صناعة الأم وموت الطفل
صناعة الأم وموت الطفل
الأمومة في الأصل حب غير مشروط، ولكن هناك نوعًا ما يظهر في “الأم الأيقونة”، وهو الذي يحمل في طياته صورًا درامية متناقضة للأمومة، أو أمومة من خلفها حكاية، وهناك العديد من الصور الأيقونية التي يحكيها الزمن، كصورة الأم المهاجرة مع طفليها المتضررين من كساد الاقتصاد الأمريكي عام 1936، أو مشهد الأم اليابانية التي تحمم ابنتها المحتضرة.
ماتت الفتاة بسبب تسمُّم الزئبق بمنتهى الإخلاص وفي مشهد شديد الرمزية، أو أنك ترى أمهات ساحة مايو الباحثات عن أبنائهن المختفين قسرًا، أو الأم المحتضنة شجرة الزيتون في فلسطين، ولا تنتهي صور أيقونات الأمومة كضحايا للحروب والصراعات والمصالح الكبرى، وربما سترى قريبًا صورة لأم سورية تحاور أطفالها في معسكرات اللاجئين كأيقونة مستقبلية.
العديد من قصص الأطفال لا تكاد تخلو من حادثة مركزية، ألا وهي موت الأم، وصدى ذلك في نفوس بناتهن، وأنهن يكبرن أسرع من الفتيات العاديات، لكن تشير الكاتبة أن معظم الحكايات الشعبية تنتصر لفاقدات الأم، فهن يلتقين مرة أخرى مع الأمان في الزواج، فكل بنت بلا أم منهن إنما هي أم مستقبلية.
وموت الأم ينعكس على أمها -الجدة- أيضًا، لتصبح امرأة أخرى لم تظهر من قبل، فبعضهن يغضبن من حقيقة أن الموت حق، وربما يدنيهن موت بناتهن من الإيمان بالقدر، وربما يقصيهن عنه، فكل موت هو موت أول، وتصعب حقيقة تقبل موت الأبناء على الأمهات، لأن منطقهن كأمهات يقتضي أن من خرج من الرحم لا يموت قبل صاحبة الرحم.
الفكرة من كتاب كيف تلتئم! (عن الأمومة وأشباحها)
تتناول المؤلفة في هذا الكتاب طبيعة حياة الأم ونفسيتها، وتسلِّط الضوء على مشاعر الأمهات خلال فترات الحياة المختلفة، وتؤكد أن حياة الأم مع طفلها إنما هي صراع مستمر، منذ لحظات الحمل الأولى وطيلة حياتهما معًا، كما تتحدث عن أثر التكنولوجيا التي تحرمنا من حالة انتظار نوع الطفل، وكذلك توضح أن مشاعر الأمومة تنطوي على مشاعر عميقة وغير مفهومة أحيانًا مثل الشعور بالذنب والتهديد المستمر، ولا يمكن حصر الأمومة في مشهد واحد.
لأنك تراها في أم من غرب أفريقيا حاملة طفلها على ظهرها، أو من الهند تحمله على صدرها، أو في حفلة تخرج أبنائها، وكذلك تطرح الكاتبة سؤالًا كبيرًا حول تخيل الولادة الأولى على الأرض؟ وكيف تعاملت حواء مع مولودها البكر؟ كيف تفهمت غثيان الشهور الأولى؟ وما حقيقة مشاعرها عند رؤية صغيرها؟ ومن الذي قطع الحبل السري بينها وبين صغيرها؟ وما أهمية دور الفطرة في هذه العملية؟ ففي هذا الكتاب تسجل الكاتبة يومياتها مع مشاعرها، كأنها سيرة ذاتية لكل الأمهات.
مؤلف كتاب كيف تلتئم! (عن الأمومة وأشباحها)
إيمان مرسال: شاعرة مصرية ومحررة أدبية، من مواليد مدينة المنصورة بالدقهلية، حصلت على الماجستير في الأدب العربي تحت عنوان “التناص الصوفي في شعر أدونيس”، ثم عملت أستاذة مساعدة للأدب العربي ودراسات الشرق الأوسط بجامعة ألبرتا بكندا، ثم عملت أستاذة متفرغة لإنهاء أحد مؤلفاتها.
لها العديد من الأعمال الأدبية والشعرية على وجه التحديد، كما تُرجمت بعض أعمالها إلى أكثر من 22 لغة مختلفة حول العالم، وللكاتبة عدة مؤلفات، منها: “جغرافيا بديلة”، و”حتى أتخلى عن فكرة البيوت”، و”ذبابة في الحساء”، وغيرها.