لا تخرج عن السرب
لا تخرج عن السرب
إن هذا الكون كله عظيمه وحقيره ما تراه بعينك وما غاب عنها، ما اكتشفه العلماء وما جهلوه، الكون كله يخضع لنظام واحد ويسير بنسق واحد لا يخرج عنه، وهو نسق العبودية لخالقه وفاطره إسلامًا واستسلامًا حقيقيًّا كإسلام واستسلام بني آدم تمامًا بكيفية لا نعلمها لكنَّنا نتشارك فيها، يقول الله تعالى ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ﴾، فالكل يسجد سجودًا يليق بحاله، الكل بكل عالمه عدا عالم الإنسان فمنه من شذَّ وخرج عن هذا النسق، لذا جاء الاستثناء في الآية الكريمة في بني الإنسان.
لذا كان من الطبيعي لهذا الكون المستسلم أن يحكي عنه ربه سبحانه أنه يغضب غضبًا شديدًا إن نُسِبَ لربه الولد! أو جُعِل معه شريك! أو كُفِر به أو ألحد أحد خلقه! الكون في غضبته هذه فاق عبودية ابن آدم مدَّعي الذكاء والعقل بكثير! يقول ابن عباس: “إن الشرك فَزِعت منه السماوات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين، وكادت أن تزول منه لعظمة الله”.
تخيَّل نفسك سماءً عظيمة تمتدُّ من مشرق الأرض إلى مغربها تشهد ما يدور على ظهرها، ثم هناك بعيدًا في بقعة صغيرة على ظهر كوكب صغير جدًّا هو كوكب الأرض تجد إنسانًا قد شبَّ لتوِّه واشتدَّ عوده وانطلق لسانه، تخيَّل أن السماء على عظمها تجد ذلك الصغير الضعيف المخلوق من ماء يشرك أو يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير! ستغضب لا شك بل ولربما أسقطت فوق رأسه نيزكًا من النيازك التي تدور في فَلَكِها لتُعلِمَه قَدْرَه وحجمه غيرًة منك ومحبة لِفَاطِرك.
إن العالم كله يشترك في عبودية واحدة، وهي عبودية التسبيح والتنزيه للخالق، تسبح وتسجد إما سجودًا حقيقيًّا بشخصها أو سجودًا بظلالها، وتسبحه عن كل نقص وعيب وتمجده وتحمده، والتسبيح من أكثر العبادات التي ذُكرت في القرآن الكريم ومن خلالها يذوق المرء نعيم الرضى وأنس المعية.
وكل شيء يسبحه سبحانه، كل شيء بالمعنى الحرفي، فكما أن الحوت يسبِّح فالنملة تسبِّح، وكما أن الشمس تسبِّح فذرة التراب تسبِّح وكما أن الدابة تسبِّح فإن الماء يسبِّح أيضًا، ولا يستنكف عن هذه السيمفونية التسبيحية العالمية إلا ماكان من الشياطين أو من أغبياء بني آدم!
الفكرة من كتاب عبودية الكون والكائنات
تحتاج بين فترة وأخرى أن تُنعِش قلبك كما يفعل أهل الطب في غرف الإنعاش، نعم تحتاج إلى تلك الانتفاضة، ولا يأتي بها إلا التفكُّر والتدبُّر في هذا الكون وفي نفسك وفي كتاب ربك، فكن جريئًا في اقتحام الكون وكن جريئًا في الإقبال على القرآن، وهناك العديد من الوسائل التي تعينك على ذلك، منها هذا الكتاب ذو اللهجة البسيطة والمعاني العميقة.
مؤلف كتاب عبودية الكون والكائنات
وجدان العلي، هو أديب وطالب علم، تتلمذ على أيدي طائفة من علماء الشريعة واللغة العربية والأدب، يعمل في مجال الدعوة إلى الله، وله العديد من البرامج منها: “نوري”.
ومن مؤلفاته:
صادق بكة.
ظل النَّديم.
مؤيد عبد الفتاح حمدان، له العديد من المؤلفات في المجال الشرعي، ومن أبرزها:
أوراد أهل السنة والجماعة.
القرآن الصاحب الوفي.