ليل الزاد
ليل الزاد
ينقضي النهار بتعبه وكدِّه، ويقبل الليل بهدوئه وسكونه ويأوي كلٌّ إلى منزله يطلب الراحة بعد عناء يوم طويل، فهل يمرُّ هذا الليل البهيم على النبي الكريم هكذا كما يمر على أكثرنا كغيره من الليالي لا نضيف فيه إلى أنفسنا شيئًا!
بالطبع لا، فكل لحظة وكل ساعة من ليل أو نهار في حياة المؤمن هي فرصة يمكن استغلالها في التعبُّد والتقرُّب من الله (جل وعلا)، وكما أن للنهار عبودية فلليل عبودية أيضًا واستقبال خاص عند النبي الكريم، فكان (صلى الله عليه وسلم) حين يأوي إلى فراشه يسلم روحه إلى بارئها ويستودعها عنده فيقول: “باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين”، وكان يقول أيضًا: “إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت”، وكأنها مراجعة تفصيلية للعقيدة واعتراف بالضعف التام وتعلُّق خالص بالله (سبحانه وتعالى) يُقرُّه قبل أن يذهب في موتة صغرى لا يدري هل يفيق منها على عالمنا أم يكون في عالم آخر!
ولم يكن (صلى الله عليه وسلم) يَصِل ليله بعضه ببعض كله نومًا، وإنما كان ينام ويقوم فينام جزءًا من الليل ويقوم يصلي جزءًا آخر حتى تتفطر قدماه، فهو الذي قال له ربه في أوائل ما أنزل عليه: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾، نعم فلقرآن الليل سطوة ووطأة على القلب لانصرافه عن الملهيات والشواغل، وليل الداعية قوته وزاده على نهاره فلا بد له من قيام، إذ إن الحل لتحمُّل مشاق النهار ليس النوم الطويل والاستسلام، بل القيام والتزود من ليل يناجي فيه ربه ويأنس بدعائه وسط صمت الظلام الدامس وغفلة أغلب الناس عن هذه الساعات المباركات، ففي هذه الخلوة الليلة المباركة تظهر آيات وحقائق القرآن واضحة جلية بعيدة عن طغيان الحياة المادية وسطوة الخلق وزخرفة الدنيا.
الفكرة من كتاب فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء
من رحمة الله بعباده أنه خلقهم وأوجدهم، وأنه حين أوجدهم هداهم لما أوجدهم وخلقهم له فوضح لهم وبيَّن، وذلك بأن أنزل كتبًا وأرسل رسلًا وفرض شرائع وأحكامًا ضابطة للوجود الإنساني، ثم اقتضت حكمته أن يختم هدايته بنبي الرحمة والهدى؛ النموذج الأكمل والأشرف والأطهر على وجه الأرض، حيث كان قرآنًا يمشي، علمه ربه وأدَّبه فأحسن تأديبه، واصطفاه وطهَّره وهيَّأه وهيَّأ له منذ أن كان في بطن أمه فارتضاه خاتمًا عربيًّا مشرِّفًا بكلام رب العزة، وجعل طاعته من طاعته ومحبته من محبته وكفايته على قدر اتباع سنة نبيه ومصطفاه، فأحواله وحياته وسيرته سراج يهتدي به الساري في سفر الحياة.
في هذا الكتاب لمحة يسيرة من جانب من جوانب سيرته العطرة، كيف كان حاله مع الذكر، ماذا كان يقول، متى، وكيف، يسوقها الكاتب بأسلوب يسير بسيط وبأمثلة متعددة.
مؤلف كتاب فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء
محمد الغزالي، سُمي الشيخ بهذا الاسم رغبة من والده في التيمُّن بالإمام الغزالي، ولقد عمل إمامًا وخطيبًا بعد تخرُّجه في مسجد العتبة الخضراء، ثم تدرَّج في الوظائف حتى صار مفتشًا في المساجد، ثم واعظًا في الأزهر ثم وكيلاً لقسم المساجد، ثم مديرًا للمساجد، ثم مديرًا للتدريب فمديرًا للدعوة والإرشاد.
زار الغزالي مرة ابن بازٍ لمناقشة بعض المسائل العلمية، فلما خرج سأله الصحفيون: “كيف رأيت ابن باز؟ قال: رأيت رجلاً يكلِّمني من الجنة!”.
من أبرز مؤلفاته:
في موكب الدعوة.
معركة المصحف.
فقه السيرة.