كيف تنتقد الآخرين بلا تجريح؟
كيف تنتقد الآخرين بلا تجريح؟
هب أنك مسؤول في العمل، وأن هناك موظفًا مجتهدًا وجادًّا كنت قد وليَّته إدارة مجموعة من الموظفين، جاءك يعرض عليك فكرة من شأنها أن تحسِّن إيراد الشركة قبل أن يُلزِم المجموعة بالقيام بها، وعندما طالعت مقترحه وجدته لا يصلح للشركة رغم ما بذله فيها من جهود إضافية غير مُكلف بها، تُرى أكان الأفضل لو ذكرت له أنها فكرة فاشلة لا تصلح بتاتًا وأنه كان يحسن به ألا يفكر هكذا، أم الرفق به وتقدير جهوده وشكره عليه مع الإشارة إلى كون مقترحه قد لا يكون مناسبًا الآن للشركة، فمن الأفضل تطويره ليتناسب مع وضع الشركة أو الاستئناس به عند الحاجة أو غير ذلك من أمور طيبة؟
النفس البشرية لا تحب أن تُلام بشدة أو أن يُوجه إليها النقد اللاذع، لذلك يكفي التلميح اللبق والنقد المهذب والإشارة أو كيفما اقتضى الموقف وحال الآخرين منعًا لإثارة البُغض وشحن القلوب من النقد الصارم، ومن المواضع التي لا ينبغي أن يُوجَّه فيها لومٌ أو نقدٌ أن يكون في حضور جماعة كبيرة من الناس.
يؤيد كارنيجي أن يذكر الشخص الأخطاء التي وقع فيها هو إذا أراد نقد خطأ شخص آخر بحيث يقول له مثلًا: “لقد كنت أقع في مثل ذلك ولما تعلمت أكثر واكتسبت الخبرة اللازمة أدركت أنه ليس صوابًا”، أما الدكتور يحيى بن إبراهيم اليحيى فيرى أن ذلك لا يمكن أن يكون على إطلاقه أو أن يُسلِّم به دائمًا، إذ يتوقَّف ذكر الخطأ الشخصي على تفهُّم الآخر مغزى ذلك، ويُرشد المؤلف إلى أسلوبين في الطلب: أما الأول فهو أسلوب الطلب بصورة العَرض كما جاء في الحديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال ذات مرة لعبد الله بن عمر (رضي الله عنه): “لو تركنا هذا الباب للنساء”، وأما الثاني فيكون استفهامًا متضمنًا لمعنى الطلب كما في قول الله (عز وجل): ﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.
الفكرة من كتاب أليس في أخلاقنا كفاية؟
حظيت كتب الكاتب الأمريكي ديل كارنيجي Dale Carnegie بالشهرة الواسعة حتى أنها تُرجِمت إلى لغات عديدة وطُبعت مئات الطبعات وطارت بها الأرض كلها على الرغم من أن ما فيها ليس جديدًا، ولكنها كانت خلاصة تجاربه الحياتية، وقد دفع ذلك الدكتور يحيى بن إبراهيم اليحيى لتأليف هذا الكتاب؛ فيقابل فيه بين ما ذكره كارنيجي في كتابه “كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس” وبين ما هو حاضر في السياق الإسلامي سواء بذكر الأدلة على المسألة الواحدة أو بنقدها وبيان الصواب فيها أو بتفصيل أمرها المُجمل.
مؤلف كتاب أليس في أخلاقنا كفاية؟
يحيى بن إبراهيم اليحيى: ولد عام 1376 هجرية بالسعودية، وحصل على الدكتوراه عام 1412هـ من قسم السيرة والتاريخ بالجامعة الإسلامية بالمدينة، وشغل منصب وكيل كلية العلوم العربية والاجتماعية بالقصيم.
وله مؤلفات أخرى منها: “مشاهدات في بلاد البخاري”، و”أليس في أخلاقنا كفاية”، و”المنتقى من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى”.