الجدال والأخذ والرد
الجدال والأخذ والرد
يشبه كارنيجي الخصم في الجدال بالكلب العقور، إما أن تدخل في صراع معه وتقتله بعد أن نال منك وعضَّك أو تُخلي بينك وبينه ولا تسمح بأن يحدث الجدال أساسًا؛ فتكسب بذلك ودَّه بدلًا من الانتصار عليه وخسارته، فضلًا عما تسبِّبه الجدالات من ضغط على الأعصاب وضعف لقدرتك من السيطرة عليها، ويذهب المؤلف إلى كون ما قاله كارنيجي صحيحًا في الجملة، وقد جاء الإسلام بالترغيب في ترك الجدل العقيم، إذ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا”، وقد أدرك السلف الصالح هذه المسألة فعبَّر مالك بن أنس (رحمه الله) عن ذلك بقوله: “المِراءُ في الدين يُعيي القلب ويُورِثُ الضَّغن”، ليس هذا فحسب، بل عدَّد عبدُ الله بن الحسن بن الحسن مساوئ الجدال والمراء، ومنها: فساد الصداقة وقطع الصلات المتينة والرغبة في مغالبة الآخرين؛ ومن ثم القطيعة!
يختلف الدكتور يحيى بن إبراهيم اليحيى مع كارنيجي في التعامل مع المخطئ، إذ ينصح الأخير بعدم توضيح الخطأ للمخطئ خوفًا على مشاعره، ويرى أن حب الناس يأتي من احترام آراء الآخرين وعدم تخطئتهم، لكن يوضِّح اليحيى أن ذلك يُفسد الحياة التي لا تستقيم إلا بتبيُّن الخطأ من الصواب، ولكن الواجب في ذلك هو الرفق واللين وانتقاء أفضل أسلوب في ذلك، ولقد استعمل النبي الكريم (صلوات الله عليه) أسلوبًا غير مباشر في مواضع فكان يقول: “ما بال أقوام قالوا كذا وكذا”، ولكن مما يتفق فيه الاثنان أن الخطأ يستوجب الإقرار به أول ما يُدرك الشخص أنه قد جانب الصواب، وذلك يرفع مكانتك عند الآخرين وهو من الحكمة، وإسلاميًّا تدل النصوص على ذلك حيث جاءت الآيات الشريفة مبيِّنة أن القتال في الأشهر الحرم من الخطأ نعم، ولكن ما فعله أهل الشرك في الجزيرة كان أكبر من قتالهم في الأشهر الحرم، وقد لام فرعون -مع عِظم جرمه- نبي الله (عليه السلام) في قتل القبطي خطأً فقال موسى (عليه السلام): ﴿فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ﴾.
الفكرة من كتاب أليس في أخلاقنا كفاية؟
حظيت كتب الكاتب الأمريكي ديل كارنيجي Dale Carnegie بالشهرة الواسعة حتى أنها تُرجِمت إلى لغات عديدة وطُبعت مئات الطبعات وطارت بها الأرض كلها على الرغم من أن ما فيها ليس جديدًا، ولكنها كانت خلاصة تجاربه الحياتية، وقد دفع ذلك الدكتور يحيى بن إبراهيم اليحيى لتأليف هذا الكتاب؛ فيقابل فيه بين ما ذكره كارنيجي في كتابه “كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس” وبين ما هو حاضر في السياق الإسلامي سواء بذكر الأدلة على المسألة الواحدة أو بنقدها وبيان الصواب فيها أو بتفصيل أمرها المُجمل.
مؤلف كتاب أليس في أخلاقنا كفاية؟
يحيى بن إبراهيم اليحيى: ولد عام 1376 هجرية بالسعودية، وحصل على الدكتوراه عام 1412هـ من قسم السيرة والتاريخ بالجامعة الإسلامية بالمدينة، وشغل منصب وكيل كلية العلوم العربية والاجتماعية بالقصيم.
وله مؤلفات أخرى منها: “مشاهدات في بلاد البخاري”، و”أليس في أخلاقنا كفاية”، و”المنتقى من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى”.