مسببات مراعاة المشاعر
مسببات مراعاة المشاعر
من عوامل ترقيق القلب بين المسلمين والتي تمثل حقوق كل منهم فيما بينهم؛ استشعار الأخوة في الله، وهذا المعنى يقتضي محبة الخير لهم كما يحبه المسلم لنفسه، كما عليه أن يثني بصدق واعتدال، وتجد سيرة السلف الصالحة زاخرة بمواقف تحمل هذه المعاني، فتجد ابن مسعود يتحدث عن معاذ بن جبل مادحًا إياه، وذلك بوصفه حنيفًا وأنه لم يكن من المشركين؛ تشبيهًا له بسيدنا إبراهيم، وذلك رغم المكانة المرموقة التي تقلدها ابن مسعود.
ويتساءل الكاتب: لماذا تغيب عنا أبسط محاسن الأخلاق مثل شكر من أسدى إلينا معروفًا؟ فعن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: “من صنع إليكم معروفًا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه”، ومن حق المسلم تجاه أخيه المسلم أن يعلمه بمحبته، وذلك باغتنام الفرص لبث العواطف المكنونة، فلرسائل القلب دومًا أثر يفوق أثر السحر.
وعلى الإنسان ألا يتناسى استغلال فرص إظهار معاني اللطف والإيثار، وفي ذلك وأد لسوء الظن، وغلق لأبواب حب الذات، ومنها أيضًا حسن الظن ولمس العذر، ولو لم يقم الانسان بهذا لاكتفى بصحبة نفسه، وعليه يجب على الواحد منا، من باب أولى، أن يقبل الأعذار ممن أتى مستعتبًا موضحًا للموقف ورد فعله، فيجب على الإنسان أن يستند إلى الحقائق الثابتة في الحكم على المعايير.
ومنها سلامة الذوق، وأن يكون مهذبًا في تعامله، مقدرًا لشعور الآخرين، وذلك أدعى إلى استجلاب السرور واستدامة المودة، ويتمثل الذوق السليم في اختيار العبارات اللطيفة والسلوك الذي لا يؤذي، ومهم أيضًا البشاشة وطلاقة الوجه، وإفشاء السلام والتزاور والتغافل، والمواساة والدعاء بالغيب، وكذلك التبشير والتهنئة والمشاورة، وإنزال الناس منازلهم، والإنصاف في الردود وحسن إدارة الخلافات، وتطييب خاطر العامل الغريب.
الفكرة من كتاب فقر المشاعر
يتناول الكتاب قضية فقر المشاعر ويتطرَّق إلى مظاهرها وأسبابها، كما يتحدث عن غياب عنصر التقدير في العلاقات، وذلك من خلال الاستشهاد بالعديد من نصوص الوحي، ومواقف من السيرة، ومشاهد من حياة الصحابة والمعاصرين، فهو يركز على ماهية المشاعر ويقف على حقيقة وفطرة احتياج الإنسان إليها، كما يشير إلى أن الناس في التعبير عن مشاعرهم يتباينون، بين شخص شحيح التعبير، وآخر متملِّق.
أما الشخص المتزن في التعبير عن مشاعره غير المشروطة بمصلحة؛ فإننا نفتقده في زمننا هذا، ومسألة فقر المشاعر هي ظاهرة لا يتوقف عندها الكثيرون رغم أهميتها، كما أن الحاجة إلى التعبير عن المشاعر ليست مسألة رفاهية، وإنما نحن كبشر نحتاج إلى جرعات مستمرة من المشاعر الدافئة التي تبدِّد الأوهام من رؤوسنا، والجميل في الأمر أن الدين يدعو إلى بث المشاعر الصادقة بين الناس، فنصوص الوحي تُجمل وتُفصِّل في هذه المسألة، فالشريعة تأمر بمراعاة المشاعر، وكذلك استدامة الألفة بين المسلمين، وعدم تناسي الفضل بينهم.
مؤلف كتاب فقر المشاعر
الدكتور محمد بن إبراهيم الحمد: عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم بالسعودية، قضى معظم حياته العملية في التدريس في الجامعات، وله نشاط موسع في إصلاح ذات البين وحل المشكلات الاجتماعية، وله العديد من المؤلفات التي بلغت حوالي 85 كتابًا.
تقع مؤلفاته في مختلف الفروع والفنون، مثل: العقائد والأديان والمذاهب والأحكام والتربية والزواج، وغيرها، ومن مؤلفاته: “التوبة وظيفة العمر”، و”الهمة العالية”، كما أن له العديد من المؤلفات التي تدرس في الجامعة كمقررات دراسية، مثل: “الإيمان بالقضاء والقدر”، و”رسائل في العقيدة”، و”رسائل في الأديان والمذاهب والفرق”.