صور أخرى لفقر المشاعر
صور أخرى لفقر المشاعر
لعلَّ من الأبواب التي لا يلتفت إليها الكثيرون، رغم شدة توصية الرسول (صلى الله عليه وسلم)؛ مسألة الجيرة، والمضايقات التي تتمثل في الأفعال الكبيرة والصغيرة، من إيقاف السيارة أمام بيوت غيرك، أو زراعة الأشجار الطويلة، وكذلك ضعف المشاركة الوجدانية في الأفراح والأتراح، وندرة التهادي بين الجيران، أو التكبر على قبول هدية الجار، فقد أمر النبي بقبول الهدية حتى وإن كانت حافر شاة!
وعلى الرغم من أن أكثر الناس بين متعلم ومعلم، فإنك ترى العديد من مظاهر قلة احترام للمعلمين، أو تجد المعلمين أنفسهم متعسفين، وعلى الطلاب أن يبجلوا معلميهم، وعليهم بالدعاء لهم والثناء عليهم، وألا يفرح الطالب لخطأ المعلم، وإنما يلفت نظره بلطف وأدب جم، ومن ناحية أخرى؛ يجب على المعلم أن يجعل التعليم علاقة قائمة على الصداقة فيغدق تلاميذه بالعطف الأبوي، وأن يصبر عليهم ويتعرف على أسمائهم ويستشيرهم في أموره.
كما يغيب عن الكثيرين الاهتمام بالمشاعر أثناء تقديم النصيحة، فيفوتهم التلطُّف في ذلك الأمر، ومنهم من لا يراعي المشاعر أثناء المناقشة التي قد تصل إلى الجدال، وكذلك قلة المشاعر أثناء عيادة المريض، وقد يفوت الناس مراعاة المشاعر في أعظم الأماكن ألا وهي بيوت الله، فتجد التواصل شبه معدوم بين الإمام والمؤذن والمصلين، وربما كان سمت التعامل كثرة الانتقاد، لذا يجب عليهم الالتزام بالمناصحة بالتي هي أحسن.
وعلى صعيد آخر، فإن من صور التفريط في المشاعر؛ مبالغة الأمهات في تفضيل بعض زوجات الأبناء على الأخريات دون حكمة في إدارة المشاعر، وهنا يتجلى موقف الزوج في إدارة تلك الأزمة، فعليه أن يبذل جهده في جمع الكلمة، والموازنة بين الحقوق والواجبات دون جور أو تقصير، ولا بأس من اصطناع التودُّد ونقل الكلام الطيب بين زوجته وأهله، وأن يلين طبعها فيخبرها أن حبه لها يزداد ببرها لوالديه.
الفكرة من كتاب فقر المشاعر
يتناول الكتاب قضية فقر المشاعر ويتطرَّق إلى مظاهرها وأسبابها، كما يتحدث عن غياب عنصر التقدير في العلاقات، وذلك من خلال الاستشهاد بالعديد من نصوص الوحي، ومواقف من السيرة، ومشاهد من حياة الصحابة والمعاصرين، فهو يركز على ماهية المشاعر ويقف على حقيقة وفطرة احتياج الإنسان إليها، كما يشير إلى أن الناس في التعبير عن مشاعرهم يتباينون، بين شخص شحيح التعبير، وآخر متملِّق.
أما الشخص المتزن في التعبير عن مشاعره غير المشروطة بمصلحة؛ فإننا نفتقده في زمننا هذا، ومسألة فقر المشاعر هي ظاهرة لا يتوقف عندها الكثيرون رغم أهميتها، كما أن الحاجة إلى التعبير عن المشاعر ليست مسألة رفاهية، وإنما نحن كبشر نحتاج إلى جرعات مستمرة من المشاعر الدافئة التي تبدِّد الأوهام من رؤوسنا، والجميل في الأمر أن الدين يدعو إلى بث المشاعر الصادقة بين الناس، فنصوص الوحي تُجمل وتُفصِّل في هذه المسألة، فالشريعة تأمر بمراعاة المشاعر، وكذلك استدامة الألفة بين المسلمين، وعدم تناسي الفضل بينهم.
مؤلف كتاب فقر المشاعر
الدكتور محمد بن إبراهيم الحمد: عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم بالسعودية، قضى معظم حياته العملية في التدريس في الجامعات، وله نشاط موسع في إصلاح ذات البين وحل المشكلات الاجتماعية، وله العديد من المؤلفات التي بلغت حوالي 85 كتابًا.
تقع مؤلفاته في مختلف الفروع والفنون، مثل: العقائد والأديان والمذاهب والأحكام والتربية والزواج، وغيرها، ومن مؤلفاته: “التوبة وظيفة العمر”، و”الهمة العالية”، كما أن له العديد من المؤلفات التي تدرس في الجامعة كمقررات دراسية، مثل: “الإيمان بالقضاء والقدر”، و”رسائل في العقيدة”، و”رسائل في الأديان والمذاهب والفرق”.