فقر المشاعر بين الزوجين
فقر المشاعر بين الزوجين
فقر المشاعر بين الزوجين يتمثل في غياب استئناس أحدهما بالآخر، واستبدال الكلام بفقرات متصلة من الصمت المطبق، وكثرة النقد وبخاصةٍ فيما لا يملك فيه المُلام، وغياب التماس الأعذار، والافتقار إلى معانٍ واسعة لا تقوم البيوت إلا بها، مثل: التفاهم والتغافل واللين، وعليه يجب أن ينظر الزوج بحكمة إلى تقصير زوجته، فلا هو يتساهل معها، ولا هو يعنِّفها، وأن يدرك أن الإنسان لا يتخلَّص من كل عيوبه دفعة واحدة.
ويجدر بنا الإشارة إلى حديث الضلع الأعوج، فإنما هو منهج في التعامل مع النساء، وعلى الرجل إذا أقام هذا الضلع؛ ألا يبالغ في ذلك، وأن يبادر في الاعتذار متى أخطأ، وفي المقابل عليه أيضًا ألا يغفل شكر زوجته، وعدم الشكر هو صورة من صور الشح، وإنما يجب على الزوجين أن يتبادلا عبارات المدح والشكر، وعلى الزوجة أن تسعى لمرضاة زوجها، فذلك أدعى إلى استدامة الأنس في المنزل.
والشكر مهارة قد تفتقر إليها الزوجات رغم أهميتها الشديدة، فعلى الزوجة أن تكون كثيرة الشكر، ومن صوره تقدير مجهود الزوج خارج المنزل، والكاتب يؤكد أن الاعتراف بنعم الزوج حق على الزوجة والعكس صحيح، وعليها أن تدعو له، وأن تستحضر أنه -بعد الله- سبب الولد، وأن توقن أن السعادة تكمن في الرضا فلا تمد عينها، وبيوت الزوجية يجب أن تقوم على المراعاة؛ ليس فقط للمشاعر وإنما أيضًا لأوقات النوم وكل الأحوال.
ومن صور المراعاة تفهم الزوجة لحجم الضغط الذي يتعرض له الزوج خارج المنزل، فلا تثقله بطلباتها، وإنما تتخيَّر الوقت والمناسبة والطريقة، وفيما سبق دليل على كرم نفس الزوجة وطيب أصلها، وفي المقابل فإن من صور فقر المشاعر غير المقبولة ضرب الزوجة، ولعلَّ بعضهم يرى في ذلك مظاهر الرجولة، والحق أن حسن العشرة يجب ألا يكون بالاختيار وإنما هو تكليف وواجب، وعليه فإن الرفق بالمرأة حق على الزوج.
الفكرة من كتاب فقر المشاعر
يتناول الكتاب قضية فقر المشاعر ويتطرَّق إلى مظاهرها وأسبابها، كما يتحدث عن غياب عنصر التقدير في العلاقات، وذلك من خلال الاستشهاد بالعديد من نصوص الوحي، ومواقف من السيرة، ومشاهد من حياة الصحابة والمعاصرين، فهو يركز على ماهية المشاعر ويقف على حقيقة وفطرة احتياج الإنسان إليها، كما يشير إلى أن الناس في التعبير عن مشاعرهم يتباينون، بين شخص شحيح التعبير، وآخر متملِّق.
أما الشخص المتزن في التعبير عن مشاعره غير المشروطة بمصلحة؛ فإننا نفتقده في زمننا هذا، ومسألة فقر المشاعر هي ظاهرة لا يتوقف عندها الكثيرون رغم أهميتها، كما أن الحاجة إلى التعبير عن المشاعر ليست مسألة رفاهية، وإنما نحن كبشر نحتاج إلى جرعات مستمرة من المشاعر الدافئة التي تبدِّد الأوهام من رؤوسنا، والجميل في الأمر أن الدين يدعو إلى بث المشاعر الصادقة بين الناس، فنصوص الوحي تُجمل وتُفصِّل في هذه المسألة، فالشريعة تأمر بمراعاة المشاعر، وكذلك استدامة الألفة بين المسلمين، وعدم تناسي الفضل بينهم.
مؤلف كتاب فقر المشاعر
الدكتور محمد بن إبراهيم الحمد: عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم بالسعودية، قضى معظم حياته العملية في التدريس في الجامعات، وله نشاط موسع في إصلاح ذات البين وحل المشكلات الاجتماعية، وله العديد من المؤلفات التي بلغت حوالي 85 كتابًا.
تقع مؤلفاته في مختلف الفروع والفنون، مثل: العقائد والأديان والمذاهب والأحكام والتربية والزواج، وغيرها، ومن مؤلفاته: “التوبة وظيفة العمر”، و”الهمة العالية”، كما أن له العديد من المؤلفات التي تدرس في الجامعة كمقررات دراسية، مثل: “الإيمان بالقضاء والقدر”، و”رسائل في العقيدة”، و”رسائل في الأديان والمذاهب والفرق”.