فقر المشاعر بين الآباء والأبناء
فقر المشاعر بين الآباء والأبناء
نشر المشاعر الطيبة في البيت لا يحتاج إلى جهود خارقة، وإنما يبدأ من إظهار علامات الإصغاء والاهتمام أثناء محاورة الأبناء، والتعليق على أفكارهم بعبارات إيجابية؛ مثل: رائع، وهذا صواب وغيرها، وذلك مما ينمي شخصية الابن، ويساعده على تحسين صياغة أفكاره، كما أنه يقرب المسافات بينه وبين والديه، وفي المقابل فمن مظاهر فقر المشاعر من الأبناء إلى الآباء النظر شزرًا.
فعن معاوية بن إسحاق قال: “ما برَّ والده من شدَّ الطرف إليه”، كما يظهر فقر المشاعر بوضوح في ضعف المراعاة، والقسوة في التربية حتى تصل إلى الضرب المبرح على الصغيرة والكبيرة، أو ملازمة التوبيخ على الهفوات، أو الحرمان من الحنان والإشباع العاطفي، وهو ثغر في قلب أي إنسان، قد يدفعه أحيانًا للبحث عن طرق غير مشروعة لإشباع احتياجاته العاطفية.
وكذلك التفريق بين الأبناء ولو حتى في الملاطفة، أو التقليل من شأنهم وتحديد قدراتهم، وعدم الأخذ في الاعتبار مقتضيات المرحلة العمرية التي يمرون بها، وعليه كان لا بد من الالتزام بحقوق الآباء تجاه الأبناء، والتي تقتضي تنمية الجرأة الأدبية في نفس الابن، بما يجعله يحيا بكرامة؛ واثقًا في اختياراته، وكذلك احترام حقهم في التفكير، وذلك باستشارتهم، وتعويدهم على المهام.
وكذلك الاستقلالية المادية والمشاركة المجتمعية، وتنمية القدرة على اتخاذ القرار، ومهارات الحسم والمبادرة وتحمُّل النتائج في إطار حسن مواجهة الحياة، ومن أمثلة البر: مواقف محمد بن سيرين مع والدته، فما كان يكلم أمه إلا متضرعًا، وابن عون المزني الذي أعتق رقبتين عندما علا صوته على أمه ، كما مكث عامر بن عبدالله بن الزبير حولًا كاملًا يسأل الله أن يعفو عن والده.
الفكرة من كتاب فقر المشاعر
يتناول الكتاب قضية فقر المشاعر ويتطرَّق إلى مظاهرها وأسبابها، كما يتحدث عن غياب عنصر التقدير في العلاقات، وذلك من خلال الاستشهاد بالعديد من نصوص الوحي، ومواقف من السيرة، ومشاهد من حياة الصحابة والمعاصرين، فهو يركز على ماهية المشاعر ويقف على حقيقة وفطرة احتياج الإنسان إليها، كما يشير إلى أن الناس في التعبير عن مشاعرهم يتباينون، بين شخص شحيح التعبير، وآخر متملِّق.
أما الشخص المتزن في التعبير عن مشاعره غير المشروطة بمصلحة؛ فإننا نفتقده في زمننا هذا، ومسألة فقر المشاعر هي ظاهرة لا يتوقف عندها الكثيرون رغم أهميتها، كما أن الحاجة إلى التعبير عن المشاعر ليست مسألة رفاهية، وإنما نحن كبشر نحتاج إلى جرعات مستمرة من المشاعر الدافئة التي تبدِّد الأوهام من رؤوسنا، والجميل في الأمر أن الدين يدعو إلى بث المشاعر الصادقة بين الناس، فنصوص الوحي تُجمل وتُفصِّل في هذه المسألة، فالشريعة تأمر بمراعاة المشاعر، وكذلك استدامة الألفة بين المسلمين، وعدم تناسي الفضل بينهم.
مؤلف كتاب فقر المشاعر
الدكتور محمد بن إبراهيم الحمد: عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم بالسعودية، قضى معظم حياته العملية في التدريس في الجامعات، وله نشاط موسع في إصلاح ذات البين وحل المشكلات الاجتماعية، وله العديد من المؤلفات التي بلغت حوالي 85 كتابًا.
تقع مؤلفاته في مختلف الفروع والفنون، مثل: العقائد والأديان والمذاهب والأحكام والتربية والزواج، وغيرها، ومن مؤلفاته: “التوبة وظيفة العمر”، و”الهمة العالية”، كما أن له العديد من المؤلفات التي تدرس في الجامعة كمقررات دراسية، مثل: “الإيمان بالقضاء والقدر”، و”رسائل في العقيدة”، و”رسائل في الأديان والمذاهب والفرق”.