جيل الشاشة
جيل الشاشة
مراهقو وشباب هذه الأيام يُمضون معظم أوقاتهم أمام الشاشات، بين الهواتف الذكية والحواسيب وغيرها، مما يجعلهم جديرين بلقب “جيل الشاشة”، وانخراطهم في العالم الرقمي يؤثر في تفكيرهم ويجعلهم يختلفون عن الأجيال السابقة في نقاطٍ عديدة، إذ إنهم يريديون كل شيء الآن وبسرعة، ويظنون أنه يمكنهم فعل ما يريدون في أي وقت، بسبب ما اعتادوه من التعامل مع المحتوى الرقمي المتوافر عادةً بشكلٍ فوري، يميلون إلى الإيجاز واختصار الوقت، ما يجعلهم يفضلون الصور على الكلمات ويقرؤون بشكلٍ متقطع بالقفز بين الفقرات، ويفكِّرون بشكلٍ مشتت، ولديهم ميلٌ إلى أداء مهام متعددة في وقت واحد، مما يجعلهم أقل تركيزًا وأكثر ارتكابًا للأخطاء رغم كونهم سريعي البديهة ولمَّاحين، والأسوأ أنه يعرِّضهم لخطر تدمير بعض الوظائف العليا في المخ، وبخاصةٍ تلك المتعلقة بالتعليم والذاكرة، ويزيد من إفراز الهرمونات المتعلقة بالإجهاد مثل الأدرينالين والكورتيزون، ما يؤدي إلى الشيخوخة المبكرة، والذاكرة بالنسبة لهذا الجيل هي شيء موجود على القرص الصلب وليست جزءًا من عقولهم؛ إنهم يلجؤون إلى جوجل كلما احتاجوا إلى معلومة، وهم بهذا لا يبنون معارف حقيقية، إذ يتعرضون لسيلٍ من المعلومات المتدفِّقة والمتنوِّعة مع انتباه قليل وفهمٍ غير عميق، ويحتاجون إلى بيئات تعلمٍ وعمل تنشط فيها الحواس البشرية بالاستماع والنظر إلى الصور مثلًا وتتسمُ بالاستجابة الفورية وتوالي الإطراء والمكافآت، وأما عن اللغة والكلمات، فهذا الجيل لا يولي أي اهتمامٍ لهجاء الكلمات ولقواعد الإملاء والنحو، وإنما يهتمون بكم التواصل وسرعته.
صحيحٌ أن عقول جيل الشاشة يمكنها التعامل مع التدفُّق السريع للمعلومات والاستجابة له، وهذه ميزة، ولكننا بحاجةٍ ماسَّةٍ أيضًا إلى عقولٍ تفكِّر بعمق وإبداع وتتخيَّل وتحلم.
كلُّ هذه النقاط تُنذر بالخطر وتستحق أن نتوقف عندها ونفكر في عواقبها؛ فخلال عشر سنوات أو عشرين، سيكون جيل الشاشة هم من يديرون العالم.
الفكرة من كتاب عقول المستقبل – كيف يغير العصر الرقمي عقولنا، ولماذا نكترث، وما الذي في وسعنا فعله؟
كيف يختلف جيل الشاشة عن الأجيال السابقة؟ وما الذي يمكننا فعله للحد من تأثير الشاشات في الجيل القادم؟ من أين تأتي الأفكار؟ وفي أي الأماكن يمكن أن نفكر أفضل؟ كيف نواجه تأثيرات العصر الرقمي في تفكيرنا؟ هذا ما سنعرفه في تلك السطور.
مؤلف كتاب عقول المستقبل – كيف يغير العصر الرقمي عقولنا، ولماذا نكترث، وما الذي في وسعنا فعله؟
ريتشارد واطسون : كاتب إنجليزي ومحاضر متخصص في الدراسات المستقبلية، يقدم استشارات ونصائح للهيئات الحكومية وغير الحكومية والشركات الكبرى مثل كوكاكولا وIBM وتويوتا، وهو مؤسس موقع What’s next، ومؤسس مساعد لمركز Strategy Insight .
من مؤلفاته كتاب “ملفات المستقبل” (Future files: A brief history of the next 50 years) الذي لاقى استحسانًا واسعًا، والذي يُعد كتاب “عقول المستقبل” (Future Minds) جزءًا ثانيًا له، وأيضًا كتاب “Digital Vs Human: how we’ll live, love and think in the future”.
معلومات عن المترجم:
عبد الحميد محمد دابوه: خبيرٌ تربوي ومترجم مصري، حاصل على ليسانس في الأدب الإنجليزي والتربية، وعلى دبلوم مهني في تدريب المعلم ولغة التواصل من جامعة ريدج في إنجلترا، وعمل في التدريس وفي ديوان عام وزارة التربية والتعليم المصرية حيث شارك في مشروعات مهمة لتطوير التعليم.
من أعماله: ترجمة كتاب “التعلم من أجل التنمية”، وكتاب “ملفَّات المستقبل”، كما شارك في ترجمة موسوعة الدكتور مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق.