الذاكرة والنسيان نعمةٌ أم نقمةٌ؟!
الذاكرة والنسيان نعمةٌ أم نقمةٌ؟!
من النعم التي أنعم الله بها علينا هي الذاكرة والنسيان، فالذاكرة هي العنصر الحقيقي لوصف حياة الإنسان لأنها الصلة الوحيدة الباقية بين الإنسان وأمسه، وهي الخطوة الأولى والأساسية في الذكاء والتفكير المنطقي، ولذا فهي أساس العقل، والإنسان بلا ذاكرة هو كائن بلا عقل، ولكن نعمة الذاكرة من الممكن أن تصبح عِبئًا على الإنسان؛ فمثلًا لو وُجِدَ شخص يتذكر جميع تفاصيل حياته دون أن ينساها سيعيش حياة صعبة مرهقة، ولذا أنعم الله على الإنسان بنعمة مكملة ألا وهي النسيان، ويعدُّ النسيان علاجًا صحيًّا لتخفيف الآلام النفسية على الفرد، وهو نعمة عظيمة لاستمرار الحياة دون منغِّصات.
ويجب على الإنسان الموازنة بين استخدام نعمتي الذاكرة والنسيان، لأن اختلال التوازن بينهما سيجعلهما نقمة وليس نعمة، فإن كانت الذاكرة قوية وطاغية بحيث لا تدع مجالًا للنسيان، يجعل ذلك حياة الإنسان شديدة الصعوبة، ويصعب عليه اتخاذ القرارات، إذ يسترجع الشخص جميع الذكريات، ما يجعله في حيرة من أمره، والعكس بالنسبة للنسيان، فإن غلب النسيان على الذاكرة، بحيث لا يتذكَّر الإنسان شيئًا من خبراته السابقة فإنه يفقد عقله وهويته، والعلاقة بين النسيان والذاكرة أشبه بالمشكلة الاقتصادية في حسن استخدام الموارد، والنسيان هو صمام أمان الذاكرة الذي يسمح بالاستخدام الأمثل لها دون إفراط أو تفريط، والتناسي ليس من النسيان في شيء، بل هو هروب مقصود من الواقع.
لفهم أسباب النسيان ينبغي لنا أن نفهم آلية عمل الذاكرة وأنها عملية ذهنية معقدة، إذ إن المعلومات التي يكتسبها الإنسان تظل مختزنة في مكان ما لحين استدعائها عند الحاجة، وعند حدوث خلل بمكان الحفظ ينتج على أثره صعوبة في استرجاع المعلومات وبالتالي ضياعها ونسيانها، ويجب علينا معرفة أن الذاكرة والنسيان يخضعان لمبدأ الاستخدام أو الانعدام، فاستخدامهما بحكمة يزيد من الأداء والعكس صحيح، والمخ البشري هو أعظم كمبيوتر مخلوق على وجه الأرض شرط أن نحسن استخدامه وتنظيمه.
الفكرة من كتاب الذاكرة ومهارات إدارة العقل
كل إنسان منا يولد عبقريًّا بفطرته، لكنه قد يفقد هذه العبقرية بالتدريج إن لم يسعَ لتنمية قدراته الذهنية والعقلية، والاستثمار في العقل هو أهم حساب بنكي في حياة الإنسان، إذ يُولد الجميع عبقريًّا ولا دخل للجينات في ذلك، فوحدها البيئة المحيطة هي ما يحدد ذلك، ولذا كان هدف هذا الكتاب هو كشف الحجاب عن أسرار الذاكرة، وتوضيح كيف أن استثمارها في إدارة العقل البشري يحقِّق النجاح، كما ناقش الكتاب طريقة تنمية وتقوية الذاكرة، فإن كنت تعاني ضعفًا في الذاكرة، أو ترغب في تنمية ذكائك، أو ذكاء طفلك، وتطوير قدرتك على التفكير المنظم سيقدِّم لك هذا الكتاب العون والإرشاد لتحقيق ذلك.
مؤلف كتاب الذاكرة ومهارات إدارة العقل
الدكتور محمد أحمد الطيب هيكل: وُلد في عام ١٩٤٥، وتخرج في كلية الحقوق جامعة عين شمس عام ١٩٦٨، ثم حصل على ماجستير في القانون الإداري، ودكتوراه في العلوم الإدارية والقانونية من جامعة عين شمس، كما حصل على وسام الجمهورية، شارك في العديد من البرامج التدريبية والدورات والحلقات العلمية والمؤتمرات، وألف واشترك في أكثر من مائة بحث في الجهات العلمية المتخصصة، وهو خبير وأستاذ في مجال التدريس والتدريب والبحوث والاستشارات، تقلَّد العديد من الوظائف، ويعمل حاليًّا أستاذًا بأكاديمية الشرطة، وكلية التجارة جامعة عين شمس.
ومن أهم مؤلفاته: “مهارات إدارة الأزمات والكوارث”، و”السلطة الرئاسية”، و”السلوك التنظيمي”، و”مهارات إدارة المشروعات الصغيرة”، و”مهارات إدارة الوقت”.