الكل حقير إلا هؤلاء!
الكل حقير إلا هؤلاء!
كما ذكرنا أن أحد العناصر التي اعتمد عليها اليهود في رواياتهم هو شعورهم بالتفوُّق العرقي على بقية شعوب العالم وبخاصة العرب، ويوضح روبن وولنرود شعور اليهودي بتفوُّقه المُطلق في قوله: “إن الكاتب اليهودي يفقد كثيراً من موضوعيته بسبب شعوره الكامل بهويته، وبمسؤوليتها”، ولذلك “فإن القرب الشديد من الأحداث والشخصيات تعطي كتاباته حيوية، كما أنها تعطيها نوعاً من المايوبيا -وهي قصر النظر-“
فهو يوضح أن الكاتب الصهيوني القريب من الأحداث يفقد موضوعيته بالقدر الذي يفقدها الكاتب الصهيوني الذي تناول الأحداث عن بعد، وذلك لأنه يشعر بعظمته الشديدة وتوفُّقه المُطلق، وبالتالي لا يطرح أي شيء يقدِّمه بشكل موضوعي.
هذا في ناحية شعور اليهودي بنفسه، أما شعوره تجاه الشعوب الأخرى فهو يتعرَّض لها بالاحتقار متفاوت الدرجات على حسب الشعب، فالألمان برابرة، والأتراك مرتشون، والبولونيون جُبناء، والأمريكيون انتهازيون، واليونانيون أذلاء، والعرب خونة.. ولكل شعب صفته الخاصة في عين اليهودي.
وللعرب تحديدًا مُبالغة في تصغيرهم وتحقيرهم، والهدف من ذلك تبرير دخول اليهود أرض فلسطين وأخذها من العرب لأنهم -لا يجيدون أي حوار- فقط يمكنك دفع الرشوة للعربي، ثم تأخذ أرضه بكل هدوء، والادعاء القائل إن العرب باعوا أرضهم بكل سهولة هو ادِّعاء يهودي أصيل، حيث يقول أحد الكُتَّاب الصهاينة: “لو كان عرب فلسطين قد أحبُّوا أرضهم لما كان بوسع أيٍّ كان طردهم منها”، فهو يصدر الحُكم بأن العرب لا يستحقُّون هذه الأرض! وأنه ليس بوسع اليهودي التفاهم مع العربي إلا بقبضة يد لأنه مستعبد حقير!
لم تظهر الصهيونية بين عشيةٍ وضحاها وسط العرب، فاحتلال الأرض هو المرحلة الأخيرة بعد احتلال كثير من الأشياء أولًا، مثل احتلال الأفكار والأذواق والآراء، حينها يتسع المجال لاحتلال الأرض!
الفكرة من كتاب في الأدب الصهيوني
إن الصهيونية قد لعبت دورها في “الأدب” قبل “السياسة”، فبالأدب تستطيع تغيير الأفكار وتزييف الحقائق حتى تقوم سياسيًّا على زيف وباطل دون أن يقف أمامك الكثير، فما كان مؤتمر بال سنة 1897م إلا ولادة الصهيونية السياسية التي مهَّدت لها الصهيونية الأدبية، ولأن كاتبنا مُميَّز بقلمه وعقله، فقد قام بتتبُّع الأدب الصهيوني الذي كُتِب لخدمة حركة الاستعمار سواء من يهود أو متعاطفين معهم لفترات طويلة مُبيِّنًا كيف لعب على الحقائق وزوَّرها ليُخرج أجيالًا مُضلَّلة ثقافيًّا، ترفض الحقيقة، وتُمهِّد للصهيونية أغراضها.
مؤلف كتاب في الأدب الصهيوني
غسَّان كنفاني: روائي وصحفي فلسطيني، وُلد في عكا الفلسطينية عام 1936م، أُجبِرت عائلته على الانزياح إلى لبنان ثم إلى سوريا بسبب الظروف السياسية التي مرت بها فلسطين، عاش في دمشق ثم انتقل إلى الكويت وعمل فيها مُدرِّسًا، وبعد ذلك انتقل إلى بيروت حتى عام 1972م، حيث استُشهِد في انفجار سيارة مفخَّخة على أيدي عملاء إسرائيليين.
كان غسان عضو المكتب السياسي والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ورئيس تحرير مجلة الهدف، ويعتبر أحد أشهر الكتَّاب والصحفيين العرب في القرن العشرين.
صدر له أكثر من 18 كتابًا، وعدد كبير من المقالات، إضافة إلى إنتاج غير مكتمل، ومن أبرز مؤلفاته:
“أرض البرتقال الحزين”، و”رجال في الشمس”، و”أم سعد”، و”عائد إلى حيفا”.