التسلسل العام للرواية الصهيونية
التسلسل العام للرواية الصهيونية
من هُنا قد صنعت الصهيونية الأدبية قضية مشتركة يكتب عنها الكُتَّاب الصهاينة، وقد اعتمد الكُتَّاب على تسلسل متشابه في الروايات التي كتبت لإنشاء إسرائيل، فقد كانت هذه الروايات الصهيونية تسير على خطوط مُحدَّدة:
أولها: تبدأ غالبًا بوجود البطل في أوروبا، وقد تعرَّض لاضطهاد شديد، ثم يقع هذا البطل اليهودي في غرام شخص غير يهودي -لن يكون هذا الشخص عربيًّا قط- وحينما تقوى العاطفة يُدرك غير اليهودي حقيقة المأساة التي عاشها اليهود، فيتعاطف معه في محاولة للتكفير عن خطئه، وفي الغالب يظهر العرب كطرف مضاد بلا قضية، بل مُجرد مأجورين أو تحت طواعية سلطة خارجية إلا من تعاطف منهم مع الصهيونية.
وستلاحظ أنه في الغالب تؤكِّد الرواية مرارًا على تماسك اليهود ضد الاضطهاد الذي تعرَّضوا له، مُهاجمين لبقيَّة الشعوب، وكل ذلك في محاولات لتبرير رفض اليهود للاندماج في المجتمعات التي قدموا منها، وبالتالي هذا مُبرِّر كافٍ للبحث عن أرض أخرى ليست في أوروبا ليسكن فيها اليهود.
وللتشجيع على الهجرة إلى تلك الأرض؛ يظهر الدين والعرق كدوافع داخلية لتحرِّك اليهود إلى فلسطين، وبجانب الدوافع الداخلية هناك دافع خارجي وهو مذابح هتلر والاضطهاد الذي تعرَّضوا له، وبتلك الدوافع تصبح الهجرة إلى فلسطين مرتبطة بالشخصية اليهودية.
فهذه المحاور أو المراحل هي الخطوط العريضة التي اعتمد عليها الصهاينة في كتابتهم لرواياتهم، ومن تلك الروايات: “لصوص في الليل” لآرثر كوستلر، ورواية “نجمة في الريح” لروبرت ناثان، ورواية “الانتصار الأكبر” لليستر غوريون، وغيرها من الروايات.
الفكرة من كتاب في الأدب الصهيوني
لم تظهر الصهيونية بين عشيةٍ وضحاها وسط العرب، فاحتلال الأرض هو المرحلة الأخيرة بعد احتلال كثير من الأشياء أولًا، مثل احتلال الأفكار والأذواق والآراء، حينها يتسع المجال لاحتلال الأرض!
إن الصهيونية قد لعبت دورها في “الأدب” قبل “السياسة”، فبالأدب تستطيع تغيير الأفكار وتزييف الحقائق حتى تقوم سياسيًّا على زيف وباطل دون أن يقف أمامك الكثير، فما كان مؤتمر بال سنة 1897م إلا ولادة الصهيونية السياسية التي مهَّدت لها الصهيونية الأدبية، ولأن كاتبنا مُميَّز بقلمه وعقله، فقد قام بتتبُّع الأدب الصهيوني الذي كُتِب لخدمة حركة الاستعمار سواء من يهود أو متعاطفين معهم لفترات طويلة مُبيِّنًا كيف لعب على الحقائق وزوَّرها ليُخرج أجيالًا مُضلَّلة ثقافيًّا، ترفض الحقيقة، وتُمهِّد للصهيونية أغراضها.
مؤلف كتاب في الأدب الصهيوني
غسَّان كنفاني: روائي وصحفي فلسطيني، وُلد في عكا الفلسطينية عام 1936م، أُجبِرت عائلته على الانزياح إلى لبنان ثم إلى سوريا بسبب الظروف السياسية التي مرت بها فلسطين، عاش في دمشق ثم انتقل إلى الكويت وعمل فيها مُدرِّسًا، وبعد ذلك انتقل إلى بيروت حتى عام 1972م، حيث استُشهِد في انفجار سيارة مفخَّخة على أيدي عملاء إسرائيليين.
كان غسان عضو المكتب السياسي والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ورئيس تحرير مجلة الهدف، ويعتبر أحد أشهر الكتَّاب والصحفيين العرب في القرن العشرين.
صدر له أكثر من 18 كتابًا، وعدد كبير من المقالات، إضافة إلى إنتاج غير مكتمل، ومن أبرز مؤلفاته:
“أرض البرتقال الحزين”، و”رجال في الشمس”، و”أم سعد”، و”عائد إلى حيفا”.