الهلع وعلاقته باللوْم
الهلع وعلاقته باللوْم
يؤدي الهلع إلى تحويل فئة مُهمَّشة من المجتمع إلى عدوِّه الأول، وإليها يُعزى كامل اللوم، فإن حدث أي شيء بالدولة تكون تلك الفئة هي السبب وراء ذلك، ويطلق على ذلك الشيطنة، ويقوم الإعلام بدور واسع في ذلك، إذ يقوم بتضخيم الأمور عن ما هي عليه في الواقع، كما أنه المفتاح الخاص بتأطير الهلع ونشره، ونفس الأمر بالنسبة للصحف الإخبارية التي تنشر الشائعات والأقاويل، إذ تُتيح المبالغة في التعبير عن الذعر زيادة المبيعات أكثر بكثير من الأخبار الجيدة، ولذا فإن كثيرًا من وسائل الإعلام المختلفة تتغذَّى على الهلع الأخلاقي.
ومن آثار الهلع الأخلاقي السلبية ما يُسمَّى بـ”الإسلاموفوبيا”، حيث احتلَّ الرُهاب من الإسلام مكانة مركزية في السنوات الأخيرة، وكانت الصحف والأخبار سببًا رئيسًا لذلك، إذ كانت تُلقي بكامل اللوم على المسلمين والإسلام، وفي استبيان تم عمله في الولايات المتحدة الأمريكية، طُلِب من المسلمين بيان وجهات نظرهم بشأن العنف المتطرف، كانت نسبة من استنكروا ذلك في المسلمين أعلى من أي ديانة أخرى، ويكمن جوهر الإسلاموفوبيا في اتساع اللوم لينسب أي فعل خاطئ يحدث بالعالم إلى المسلمين، وصولًا إلى لوم جميع المسلمين بالتطرف، وهذا من أحد آثار الهلع السلبية، لأن الواقع ليس كذلك بتاتًا، وعند تتبُّع الأدلة الصحيحة تجد أن جميع الإدانات تبعد تمام البعد عن الإسلام، وأن كل ما قِيل في الصحف تم اختلاقُه بهدف زيادة حالات الهلع، ومن ثم زيادة الربح.
وانتشر مؤخرًا الهلع من البيدوفيليا (paedophilia – اشتهاء الأطفال)، ويتم اعتباره أثرًا إيجابيًّا للهلع، إذ أثار تساؤلات عن الكيفية التي يمكن فيها للمجتمع أن يحمي أطفاله؟ وبسبب ذلك تم إلقاء الضوء على عالم سفلي مظلم في الإنترنت يتصل بالأطفال، وشدَّ من عمل المؤسسات الوقائية من شرطة وغيرها من مؤسسات رعاية الأطفال، إلى التركيز على حماية الأطفال، وتقديم المشورة لهم بشأن طرق حفاظهم على سلامتهم، وكل هذا ما كان ليحدث لولا اهتمام وسائل الإعلام المكثَّف، وإثارة غضب الناس واشمئزازهم، والهلع الأخلاقي مُبَرَّر هنا.
الفكرة من كتاب صناعة اللَّوم.. المساءلة ما بين الاستخدام وسوء الاستخدام
عندما يحدث خطأ ما في حياتنا يكون رد فعلنا الأول والطبيعي هو البحث عن شخص نُلقي عليه اللوم، إذ يُشكِّل اللوم جزءًا كبيرًا من حياتنا، فهو وسيلة لتحديد موقفنا، كما يتشكَّل كثير من فهمنا للوم من الأخبار، لأنه هو ما يصنع الأخبار، ويُتيح ترويجها وبيعها، واللوم مهم لأنه على ما يبدو يفسر بعض الأمور مثل “لماذا هناك بطالة؟”، فتكون الإجابة: “خطأ الحكومة التي جعلت الأجانب يُسيطرون على الوظائف”، إذًا اللوم هو وسيلة سريعة لإيصال المقصود عندما نَشعر بتهديد ما، وهو لغة الاتهام والدفاع عن النفس، لكن لماذا اكتسب اللوم هذا القدر من الأهمية في العديد من المجالات؟ وما عواقبه؟ هذا ما سنتعرَّف عليه في السطور القادمة.
مؤلف كتاب صناعة اللَّوم.. المساءلة ما بين الاستخدام وسوء الاستخدام
ستيفَن فاينمان: حصل على ماجستير في علم النفس المهني عام 1969، ثم حصل على الدكتوراه من جامعة شيفيلد عام 1974، عَمل أستاذًا جامعيًّا للدراسات التنظيمية في كلية الإدارة بجامعة باث في المملكة المتحدة، واهتم بالكتابة في مجال التنظيم السلوكي، والنظريات التنظيمية النقدية، ونشر العديد من الكتب والدراسات المعنية بشكل مباشر أو غير مباشر بعالم العمل والعدالة الاجتماعية.
ومن أهم أعماله:
العمل.. مقدمة قصيرة جدًّا.
Understanding Emotion at Work.
معلومات عن المترجم:
ماهر الجنيدي: وُلد عام 1961 في حمص بسوريا، وهو كاتب وصحفي ومترجم من أصل سوري يقيم في دبي بالإمارات العربية المتحدة، شغل منصب مدير تحرير “مجلة PC Magazine- الطبعة العربية”، ورئيس تحرير مجلة “إنترنت العالم العربي”، ومدير محتويات بوابة “عجيب”، وكذلك أشرف على ترجمة “فوربس” العربية.
ومن أهم ترجماته:
فن الحرب.
في مديح البطء.