معنى الخشوع
معنى الخشوع
الخشوع هو روح الصلاة، لأن من لا يخشع فيها لا يحضر قلبه ولا يتدبَّر فيما يقوله من الآيات والأذكار ولا تزيده الصلاة إيمانًا ولا يشعر بلذَّتها وحلاوتها وأنسها.
وللخشوع معنيان: الأول هو التواضع والسكون، وهو ما يجب أن يكون حال المؤمن في جُل وقته وفي كل صلاته، والمعنى الثاني هو التفكُّر في أذكار الصلاة وأفعالها واجتناب شرود الذهن وعدم التركيز فيها، وهو متضمَّنٌ في المعنى الأول، وحكم الخشوع في الصلاة أنه واجبٌ –أي يأثم تاركه- بكلا المعنيين، واتفق العلماء أن الصلاة تبطلُ إن لم يخشع المصلي بالمعنى الأول، أي لم يؤدِّها بسكون وتواضع، واختلفوا في بطلان الصلاة إن لم يكن فيها خشوع بالمعنى الثاني، أي لم يؤدِّها المصلي بتفكر وتدبر، والراجح أن الأجر والثواب مشروط بحضور القلب، ولكن لا تجب إعادة الصلاة وإن لم يعقل منها المرء شيئًا ويجبر نقصها ما بعدها من السنن والأذكار.
ويظهر خشوع المصلي وتذللُّه لله وسكينته في الصلاة في أمورٍ عديدة، منها ذله وسكينته في مخاطبة الله (عز وجل) بالذكر والدعاء، وفي حركات الصلاة وانتقالاتها التي يؤديها بغير تعجُّل، وتجده يتحلَّى بالأدب مع الله.
إننا نأتي الصلاة نطلب خير الدنيا والآخرة، فلا ينبغي لنا أن نأتيها ونحن ساهون غافلون، بل بنية صادقة وبقلب خاشع؛ إننا نناجي الله في صلاتنا، وإن الله لا يستجيب دعاء قلبٍ غافلٍ لاهٍ، ولو أن أحدًا من الناس كلما لقيك حدَّثك ببرود وهو شارد الذهن ولا يبالي بما تقوله لكرهت لقاءه، ولله المثل الأعلى.
كيف نصل إلى الخشوع في الصلاة إذًا؟ هنالك الكثير من الوسائل المعينة والأسباب التي علينا أن نصدق في طلبها لنصل إليه، بعضها أفعال ظاهرة وأخرى قلبية، وبعضها قبل الصلاة وأخرى ونحن نؤديها، وهذا ما سنتحدث عنه في الفقرات التالية.
الفكرة من كتاب بوابة الخشوع في الصلاة
للصلاة حلاوةٌ ولذة تفوق لذائذ الدنيا، محرومٌ من لم يذُقها، ولا يعرف المعنى الحقيقي للسعادة والأنس والطمأنينة، ما السبب الذي يمكن أن يحرمنا تلك اللذة؟ الجواب في قول ابن القيم: “وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) يقول: “إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحًا فاتهمه، فإن الرب تعالى شكور؛ يعني أنه لا بد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه وقوة انشراح وقرة عين، فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول”، ما يعني أننا بحاجةٍ إلى مراجعة أنفسنا، ألسنا نحرص على تجديد كثير من أمور حياتنا وتحسينها مثل البيت والثياب وغيرها؟ فلمَ لا نفعل ذلك مع صلاتنا ونحن نعلم أنها لا تسلم من النقص والخطأ ونشكو قلة الخشوع فيها وقلة حرصنا عليها، إلا من رحم الله؟
مع هذا الكتاب نحاول أن نجدِّد ونُحيي فينا معاني الصلاة وأحوالها، ونعرف معنى الخشوع ونطلب أسبابه، ونسعى للظفر بلذَّتها.
مؤلف كتاب بوابة الخشوع في الصلاة
أحمد بن ناصر الطيار: داعية سعودي، وإمام وخطيب جامع عبد الله بن نوفل بالزلفي، نشط على مواقع التواصل الاجتماعي؛ ينشر عليها خُطبًا وخواطر واقتباسات من كتبه.
له العديد من المؤلفات، منها: “الأنس بالله تعالى”، و”حقوق الصديق وكيف تتعامل معه”، و”الحياة الزوجية السعيدة، قواعد وحقوق وعلاج للمنغصات”، و”صناعة طالب علم ماهر”، و”آداب طالب العلم وسبل بنائه ورسوخه”، و”حياة السلف بين القول والعمل”، و”عبقرية شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله”.